الجريمة وازديادها وراي الطب الشرعي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 

: د. صابر مكي: حوادث قتل الأطفال مرتبطة غالباً بالاعتداء الجنسي..!!
28-7-1428 هـ

اقاويل وتساؤلات عديدة نسمعها في مجالس المدينة واحيانا في المجالس المتخصصة عن مشرحة الخرطوم... بنياتها الاساسية والتقنية ...الكادر البشري واهمية الطب الشرعي نفسه، ودوره في حسم القضايا الجنائية ... بدائية الآلات واستخدام جثث مجهولي الهوية في البحث العلمي ... تساؤلات كثيرة وغيرها طرحناها هنا على د. صابر مكي حسن اختصاصي الطب الشرعي ونائب مدير مشرحة الخرطوم.




* لماذا الإصرار على تشريح كل الجثث؟
* نحن لا نشرح كل الجثث ... التشريح هنا استثناء ويتم لضرورة قصوى.
* بمعنى؟
* بمعنى أن الفائدة التي قد تعود على المجتمع واسرة المتوفي، يجب ان تكون اكبر من الضرر .. شخص قتل او يشتبه في أنه قتل .. لمعرفة سبب الوفاة لا بد من التشريح.
* هناك حالات واضحة قد لا تحتاج الى تشريح كحالات الوفاة في حوادث المرور؟
* هذه فيها حق التنازل.
* كيف؟
* الحادث المروري فيه حق الدية ... من الممكن ان يتنازل طرف للآخر. وفي هذه الحالة يتم التنازل عن التشريح ... الشق المدني هنا اكبر من الشق الجنائي، لكن هناك حالات فيها حق للمجتمع.
* مثل؟
* شخص طعن بالسكين او حدث له تسمم ...لا يمكن التنازل، لان المجتمع لديه حق معرفة الجاني والقبض عليه ومحاكمته ... حتي الاسرة ليس لديها حق التنازل هنا.
* هناك مشادات تحدث احيانا عندما يرفض اهل المتوفي تشريح جثمانه؟
* طبعا.
* مثل؟
* مستوى الوعي عند الناس باهمية التشريح مختلف.. وغالبا ما يعترض اهل المتوفي على التشريح، لان الموت عنده هيبة لدى السودانيين.
* ما هي دفوعاتك امام اهل المتوفي؟
* ليست لدي دفوعات بعينها، لان الطبيب لا يشرح جثة الا بعد ان يصله امر من النيابة ... في النهاية امر تشريح الجثة من عدمه يعود الى النيابة وليس للطبيب.
* معدل وصول الجثث للمشرحة في ازدياد؟
* المعدلات يتوقع لها أن ترتفع مع زيادة عدد السكان ونزوحهم من الولايات للخرطوم.. والزيادة في السكان من المنطقي ان تقابلها زيادة في معدلات الجريمة، وبالتالي زيادة في التشريح.
* هل صحيح ان حوادث القتل المباشر في ازدياد بالخرطوم من خلال الجثث التي يتم تشريحها؟
* لا تستطيع القول بالمطلق انها في ازدياد ... يجب ان تقرأ اية زيادة هنا وهناك بالنظرالي عدد السكان.. ورأيى ان الهجرة من الريف الى الخرطوم ستترتب عليها «زيادة في كل شيء» من الجريمة الى عدد السيارات.
* هناك أحاديث عن أن ادواتنا التقنية الخاصة بالطب الشرعي بدائية؟
* هناك فعلاً من يردد مثل هذه الاقاويل .. لكنها بالتأكيد اقاويل لا تستند الى مفاهيم واضحة.
* كيف؟
* التشريح هو التشريح منذ القدم ... جثة على الطاولة ومنهج واضح للتشريح يدرس في الماضي وحاليا.
* لم يتطور؟
* لا.. التطور حدث في العلوم الجنائية في ما يتعلق بعلم الحمض النووي وتقنيات الفحص واخذ العينات ودراسة مسرح الجريمة وغيرها.. هذه تطورات لا تخص علم التشريح.
* ليس هناك تطور ملموس بالمشرحة؟
* غير صحيح.. المشرحة تطورت كثيراعلى مستوى البنيات الأساسية.. ولدينا «20» طبيباً يدرسون الطب الشرعي في مصر الآن.. وهؤلاء سيشكلون اضافة مهمة للكادر الطبي بالسودان... واجمالا لا يمكن الفصل بين الأوضاع العامة في البلاد والمشرحة، او اي مرفق آخر... التطور عندما يحدث هنا سينعكس هناك مباشرة والعكس صحيح.
* من خلال عملك ما هي أكثر أنواع السلاح شيوعاً؟
* الاسلحة البيضاء و«العصي» واغلبها من اناس مخمورين.
* والسلاح الناري؟
* قليل.
* العصي والاسلحة البيضاء قاتلة عندما تصيب اماكن محددة في الجسم اليس كذلك؟
* حسب نوع الاصابة.. هناك اصابة بسيطة واصابة متوسطة واخرى خطيرة .. الضربة الكبيرة لو جاءت في مقتل فإنها تؤدي الى الموت ... وهناك اصابات بسيطة قد تتطور وتتفاقم ... شخص اصيب في يده في مشاجرة مثلا ولم يذهب لتلقي العلاج خوفا من اجراءات الشرطة واعتمد على العلاج البلدي .. مع مرور الوقت سيصاب بالتتانوس ويموت لانه موجود في بيئة متسخة ويتعاطي الخمر ونظامه الغذائي ضعيف.
* ماذا عن عملية نبش الجثث.. هناك احاديث كثيرة حولها؟
* «ربنا كرَّم الانسان» حيا وميتا ... لكن هناك ضرورات لعملية نبش الجثة. والعملية لديها ضوابطها في النبش... لحفظ كرامة الانسان.
* ما هي ضروراتها؟
* المعلومة... نحن نبحث عن المعلومة وبمجرد حصولنا عليها نعيد الجثمان الى المقبرة بحضور اهله والدولة.. هذه مسألة حقوق.. أحيانا هناك قاتل خارج السجن يجب أن نلقي القبض عليه ونحاكمه ... حتى لا يرتكب الجريمة مرة ثانية وثالثة... ثم أن الشخص الميت نفسه لديه حق عند المجتمع بالقبض على قاتله.
* هل تجرى عمليات نبش كثيرة الآن؟
* في فترة ما كانت كثيرة.. لكن أخيراً بعد ان ازداد الوعي باهمية الطب الشرعي لدى الجهات المختصة اصبحت قليلة.
* الوجود الدائم في المحاكم ألا يشكل عبئاً اضافياً عليكم؟
* المهمة ليست سهلة، لكن في النهاية المسألة جزء من المهنة ... هذا هو الطب الشرعي.
* هل تكتفي المحكمة غالبا بالتقرير ام تلجأ الى سماع شهادتكم؟
* المحكمة تعمل على الشفافية واقرار العدل... وقد يطلب احدهم الطبيب على اليمين.
* استدعاء الطبيب الشرعي للمحكمة لا يتم في كل الحالات؟
* نعم ... لكن لحساسية الامر، ولان المحصلة قد تكون اعدام شخص، يتم استدعاء الطبيب للادلاء بشهادته وتفسير بعض الكلمات والعبارات التي قد لا تكون واضحة في تقريره.
* هل أنتم راضون الآن عن البنيات الموجودة بالمشرحة؟
* طموحاتنا ان يتم انشاء مشرحة في كل مدينة من مدن ولاية الخرطوم.
* ما هي سعة الثلاجات الموجودة الآن بالمشرحة؟
* أكثر من «40» جثة في الحالات العادية.
* وفي الطوارئ؟
* يرتفع العدد.
* عدد الجثث التي تصل المشرحة يوميا؟
* من «5*6» جثث.
* عدد مجهولي الهوية في ازدياد؟
* الظاهرة موجودة... رغم المحاولات المبذولة لكبح جماحها.
* كيف يتم التعامل معها؟
* النيابة عندما ترسل هذه الجثث للمشرحة تبدأ عبر الشرطة في البحث عن ذويها... لو وجدوه نقوم بتسليم الجثة الى اهلها.
* وفي حالة لم يجدوا اهلها؟
* في هذه الحالة نتسلم من النيابة تصريحا بدفنها ونتولي ذلك.
* يتم تصويره؟
* نعم نصوره ونجري عملية التشريح لحفظ حقوقه... وهناك اشخاص تعرفت عليهم اسرهم من خلال الصور بعد دفنهم، واطمأنت على ان حقوقهم حفظت، وان عملية الدفن تمت بصورة شرعية.
* ماذا لو زاد عدد الجثث الواردة إلى المشرحة عن سعتها؟
* أغلب الجثث يتسلمها أهلها بصورة يومية وفورا.. المشكلة في مجهولي الهوية.. فهؤلاء يبقون لفترة طويلة.
* ما هي أشهر الجرائم في السودان التي أسهم التشريح في فك طلاسمها؟
* كثيرة ... أذكر لك قصة طفل قالوا عندما جاءت جثته للمشرحة انه سقط في بئر «سايفون» لكن عندما شرحت الجثة وجدت انه مات مقتولا بعد ان تعرض للاعتداء الجنسي ... ويبدو ان القتلة مارسوا معه الاغتصاب لفترة طويلة، وعندما كبر وبدأ يتحدث قتله احدهم حتى لا يفضح امرهم.
* جرائم قتل الأطفال كثيرة؟
* ليست كثيرة للحد المزعج .. لكن اغلبها مرتبط بالاعتداء الجنسي.
* هناك أحاديث كثيرة عن مسألة استخدام جثث مجهولي الهوية في البحث العلمي؟
* مسألة استخدام الجثث في البحث العلمي ليست جديدة.. ولا يمكن القول ان اية جثة صالحة للبحث العلمي... أو أن جثث البحث العلمي كلها من مجهولي الهوية.
* من أين تأتي؟
* شخص توفي وفاة طبيعية بالمستشفى... سبب الوفاة معروف وهويته معروفة وغير مصاب بمرض معدٍ... ولا يوجد شخص محدد يتسلم الجثمان... في هذه الحالة قد ترى الدولة أن يتم تحنيطه ويستفاد منه في التعليم... والطبيب يجب أن يعرف جسم الإنسان الطبيعي... والطب قائم على التشريح.
* أليست هناك طرق لحفظ الجثة غير التحنيط؟
* هناك طرق أخرى تضمن أن تستمر الجثة في مجال البحث العلمي لـ «20» عاماً بدلا عن تغييرها كل عامين.. قد تكون كلفتها المالية عالية، لكنها بالتأكيد ليست أغلى من الإنسان.