التميز خلال 24 ساعة
 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميزلهذا اليوم 
قريبا

بقلم :
قريبا
آخر 10 مواضيع
الفقرا العزمو القطر (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 233 - الوقت: 06:16 AM - التاريخ: 01-18-2024)           »          إلى وطني .. لن تأتي العصافيرُ[ (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 659 - الوقت: 06:16 PM - التاريخ: 10-03-2023)           »          كل المواسم يا بلد إطاقَشَن (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 397 - الوقت: 06:11 PM - التاريخ: 10-03-2023)           »          الشوق غلب (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 886 - الوقت: 04:36 AM - التاريخ: 05-29-2023)           »          سلام ومحبة (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 7748 - الوقت: 08:04 AM - التاريخ: 10-03-2022)           »          «الفقرا» شوق وحنين (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 10350 - الوقت: 01:25 PM - التاريخ: 08-13-2022)           »          جمعية الصفوة السودانية تحتفي بتدشين كتاب ذكرياتي مع الشيخ الوالد محمد أحمد حسن بقاعة (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 10294 - الوقت: 03:00 PM - التاريخ: 07-16-2022)           »          يوم الرحول.. (الكاتـب : - مشاركات : 0 - المشاهدات : 6091 - الوقت: 03:36 PM - التاريخ: 07-14-2022)           »          سلام ومحبة (الكاتـب : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 6875 - الوقت: 07:16 PM - التاريخ: 05-08-2022)           »          مبروووك (الكاتـب : - آخر مشاركة : - مشاركات : 1 - المشاهدات : 7307 - الوقت: 04:33 AM - التاريخ: 08-15-2021)


الإهداءات


العودة   منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa > «۩۞۩-المنتديات العامه-۩۞۩» > «۩۞۩-قسم المكتبات والتوثيق -۩۞۩»

«۩۞۩-قسم المكتبات والتوثيق -۩۞۩» قسم للمكتبات يستضيف الكتاب والمبدعين من أبناء الحصاحيصا بصفة خاصة وكبار الكتاب والمبدعين السودانيين بصفة عامة

إنشاء موضوع جديد  إضافة رد
المنتدى المشاركات الجديدة ردود اليوم شاهدة المشاركات المشاركة التالية
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04-09-2012, 05:56 AM
عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً
لوني المفضل Brown
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 فترة الأقامة : 4395 يوم
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم : 25
 معدل التقييم : عبدالغني خلف الله الربيع is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي البوصلة ..رواية ..في حلقات



بسم الله الرحمن الرحيم
البوصلة -رواية
عبدالغني خلف الله الربيع
الحلقة الأولي -متابعة شيقة أتمناها لكم وسعيد بوجودي بينكم:
كل الأشياء تتمرد علي ذاتها ..الصورة القديمة داخل الإطار..قوارير العطر الفارغة والذكريات ..لا شيء يبقي علي حاله .. ثمة تحولات خطيرة تزوّر تاريخ الإنسان وكما الوردة تبدو رائعة فجر كل يوم فإن لونها البنفسجي يتباعد عند الظهيرة .. لكن ما يدعوني للجزم بخطأ هذا الاعتقاد هو صورتك يا (أمل ) التي لا تزال توجع هذا الجزء من قلبي مثل نتوءات من الحصى واللهب ..نعم هو ذا أسمها ..وقفت أمامي في ذلك الصباح الفاتر لأمنحها بطاقة هويه ..فقد كان يتحتم عليها أن تحصل علي هوية قبل أن تجلس لإمتحانات الدخول للجامعة ..نقبت في تاريخها وسألتها عن شجرة العائلة التي تفاقمت أرومتها عبر أجيال سحيقة لتهدي إليّ ذلك التوتر الهائل ..أمل الشيخ البغدادي عثمان..الشيخ البغدادي إ سم واحد ..هكذا كانت توضح لي بعض الأشياء التي تعتقد بأنها علي جانب من الأهمية وهي تحرك أصابعها وتمسد سطح حقيبة يدها ..وطغي الطابع الرسمي علي المقابلة أسألها وتوضح لي بعض الجوانب المتعلقة بأسرتها ..لم يكن بوسعي أن أمنع نفسي من إصطناع الأسئلة والتظاهر بأن هنالك ضرورة لكل ذلك التدقيق وفي الواقع كنت وأنا أؤدي واجبي لا أملّ التطلع نحو سمرة لونها والتوغل في بحار عينيها ..كنت أسأل وهي توضح كتلميذة نجيبه ..ولكن ما لم تستطع أن توضحه لي ..هو ذلك الإرتباك الذي يزلزل كياني و هذا العرق الذيّ تكور تحت أجفاني وفوق أرنبة أنفي.. ولماذا هي رائعة لهذا الحد .؟ أحقآ هو إ سم واحد ؟..إذن نحن بحاجة لإسم رابع ..ما هو اسم جدك لأبيك ..؟ ترددت برهة واضطرب وجهها وجاش بإيماءات لا قبل لي بها ..تسمرت عيناي في عينيها لدرجة أنني نسيت أصل السؤال ..مكاوي ..الأمين مكاوي ..صوت الرجل الذي حضر معها وقد أسعفنا من التمادي أكثر في تهويمات لا تتناسب وأصل السؤال
..مكاااوي ..يااه..كدت أنسي إسم واحد من أهم أجدادي.. السيد مكاوي الأمين مكاوي ..كم أنا غبيه .. قالت ذلك وهي تضحك باتجاهه ..أنت إذن من أسرة الشيخ البغدادي المعروفه..؟ بالطبع ..بالطبع أنا منها ..
لم يكن الشاهد الذي حضر معها معنيآ بمجريات التحقق فقد كان يهاتف شخصآ ما بهاتفه النقال ..ولم أكن بحاجة لتوجيه أي أسئلة إليه.. وهكذا إنتهت المقابله..وطلبت منهما الإتصال لاحقآ لإستلام الهوية ولم يفتها أن تأخذ رقم هاتفي معها ..الشيء الذي ضاعف من إرتباكي فكتبت الرقمين الأول والثاني باللغة الإنجليزية وبقية الرقم بالعربي وأعادتهما عليّ بالإنجليزية ..
لم تكن أمل أول طالبة تمثل أمامي تطلب منحها هويه ولكنها علي أية حال لن تكون الأخيرة ..بيد أنها قد ذهبت إلي سبيلها ..نامت أصابعها في باطن كفي كعصافير صغيرة وأنا أودعهما وقوفآ..و باخت في الممر الضيق فرقعات حذائها كالضربات الموجعة في ظاهر الكف ..لقد ذهبت ..نعم ذهبت وكان لا بد أن تذهب ..مثل هذه الأحداث اليومية محتومة ومقدرة سلفآ ..أن تمضي إلي سبيلها وتبقي أنت حيث كنت ..نتيجة منطقية لا تقبل التأويل ..أن تبقي ولا تذهب إرهاص ضد طبيعة الأشياء.




رد مع اقتباس
قديم 04-10-2012, 05:58 AM   #2


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقـــة الثانية
توجهت نحو مكتب الباشكاتب مامون لآخذ منه كشف التنقلات الذي صدر ذاك الصباح لأعرف كيف مضت الأمور بالنسبة لأبناء دفعتي ..أما بالنسبة لي فقد أخطرني جناب المقدم أزهري بأنني باق في موقعي ..وجدته منكبآ علي بعض الملفات وقد أدار شريطآ غنائيآ تنسرب منه كلمات حانيه.. هذا ما كنت أفتقده بالضبط ..دعوت نفسي علي كوب من الشاي وطلبت منه الملف ..قام من مقعده وهو يدندن بكلمات تلكم الأغنيه ..كان المغني يردد بإنفعال واضح ..(حبيب القلب بالدنيا ..يضيع فكيف ألقاه ) ..كل يبحث عن ليلاه ..إلا مامون ..دائمآ منشرح الصدر منفتح الأسارير..وقلّما تجده يشكو من شيء برغم السنوات الأربعين التي تثقل كاهله ..يرتدي القمصان المخططه ويصفف شعره كصبي يافع ..وعندما تسأله عن عمره الحقيقي يجيبك بأنه لا يزال في سن الثلاثين ..وعليك أن تصدقه فيما ذهب إليه لأن الملفات الرسمية تعطيه عبر شهادة تسنين مهترئة هذا الحق ..هذا الأربعيني الثلاثيني لا بد أنه قد إكتشف دون غيره سر هذا التألق الدائم ..إنها محبة الناس اللامتناهية له وذاك الصفاء الوريف الذي يتدثر به ..وهو لغز محير ..فلا أحد يعرف من أين أتي لهذه المدينة الصغيرة ..فهو لا يغادرها أبدآ ولا يطلب إجازه وإن طلبها فإنه يمضيها وحيدآ داخل منزله الكائن عند الطرف الغربي للبلده ..وعندما زرته لأول مرة أدهشتني بساطة الغرفه ورومانسيتها ..هنالك سرير واحد مصنوع من (النيكل ) ومنضدة عريضة تكومت فوقها مجموعة من الكتب والصحف القديمة وثمة شيء يشبه (ألبوم الصور ) قرب الوسادة الوحيدة سرعان ما دسه تحتها وأنا أتهيأ للجلوس ..إرتبك ارتباكآ مروّعآ عندما وجدني أمامه وأنا داخل الغرفة تمامآ فقد تعمدت إقتحامه بتلك الزيارة المفاجئه التي لم يكن مهيئآ لها ..نعم لا أحد يعلم عنه الكثير وكل ما يمكن الإستفادة من تلميحاته عندما تظلله لحظة حبور عارمه ضحكته المموسقة والتي غالبآ ما تتخللها عبارة ( أنا أخوك يا الكنينه ) ..فماذا يمكن أن تكون الكنينه هذه يا تري وفي أي مكان هي ؟ !..طلبني جناب المقدم في مكتبه وقدمني لرجل تبدو عليه سيماء الأهميه وكانا قد إنخرطا في ضحك متواصل قبل دخولي إليهما ..وقف الرجل وبقايا قهقهاته لا تزال عالقة بشاربه الكث ..الوجيه إسماعيل..رجل أعمال كبير وصديق عزيز وهو من أبناء هذه المدينه نشأ وترعرع فيها ثم أخذته المقادير إلي الخرطوم ولندن وفرانكفورت وأعادته ثانية مباشرة إلي هنا ..وهو ينوي الإستقرار وبناء حفنة من المصانع ..( حفنة من المصانع.؟) طارق يحدث نفسه وقد سرح بعيدآ ببصره حيث والده الذي يعمل في (خراطة العناقريب) يظل منكفئاً في تؤدة وصبر ودون كلل أوملل
طوال اليوم وهو يعالج الأخشاب المستعصية ولكن ليس علي والده الأوسطي كمبال ..إذ لا تستطيع أعتاها الصمود بين يديه الذهبيتين لدقائق معدودات ..بيد أنه قد علمنا وربانا أحسن تربيه.. زوّج (البنيات) ، وأشقائي علي وعمار تخرجا من طب الخرطوم وموسي مهندس كهربائي ..ولم يستمع طارق لبقية تفاصيل تاريخ الوجيه إسماعيل وعندما عاد لهما وجد المقدم أزهري قد وصل إلي نقطة ..والسيد إسماعيل من أسرة عريقه وكبيره.. نصفها إستقر في الخرطوم والنصف الآخر تشبث بالأرض هنا ..وفي تلك اللحظه دخل( المراسله) وهمس في أذنه بان شخصآ ما يطلبه في التلفون ..بالإذن سيادتك أرد علي التلفون .كادت السماعة تسقط من يدي ..طارق يواصل السرد ..عندما غمرني صوتها الرقيق وكأنه نفحة من الفردوس ..
عفوآ لإزعاجك جناب النقيب طارق ..نسيت أن أسألك عن موعد إستلام الجنسيه ..
لن يكون بوسعك يا آنسه أمل ذلك علي الأقل قبل خمسة أيام..
كم ..كم ..كم ..!؟ ..(صرخت بصوت فيه شيء من الرفض والعتاب والتتابع) ..كنت قد توقعت أن يكون لديّ عندك خاطر تحرص عليه ولكن يبدو ..
أبدآ ..أبدآ وحياتك يا..
أسمع .. أنا حأقفل( الموبايل )لأنو مرتضي رجع للعربيه ..وهكذا انقطع الإتصال بيننا..فوقفت لبضعة دقائق مسمّرآ في مكاني لا أكاد أعي شيئآ .


 

رد مع اقتباس
قديم 04-11-2012, 05:50 AM   #3


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثالثة
إنه (بصله ..بصله الأرعن كالعاده يا جنابو ..وماذا فعل هذا المصيبه هذه المره ؟..مشاجره وتسبيب الأذي ..وهو أيضآ مصاب بجرح غائر في جبهته ..وماذا حدث بالضبط ..هنا تدخل فيصل صديق (بصله ) ورفيقه الذي يتبعه كظله ..لو سمحت جنابو ندخل المكتب عشان أحكي ليك القصه ..طيب تعال ..حرروا له أورنيك (8) وأرسلوه مع حرس للمستشفي ..ومن ثمّ دخلنا لمكتبي ..كنا نجلس عند طرف السوق نتجاذب أطراف الحديث عندما مرت من أمامنا إحدي الفتيات الجميلات .. والكلام هنا لفيصل ..وحقيقة يا جنابو كانت حلوه بدرجة ممتاز ..وبعدين ..و(الناريه) إنطلقت في صاحبك بصله وإنت عارفو زول (كبكابه ) وبعدين ..قام يا سيدي يتغزل في ..أها وبعدين ..لسوء حظ بصله البت ضيفه جات لعرس ناس الطيب ود الجيلي ..وكان بيناتنا أخوها ..وصل مع العريس من المتمه ..ما نحري ولا ندري إلا والضيف هجم ليك علي بصله من دون مقدمات وخنقوا خنقه لامن زبّد وكرفسوا ليك علي الحيطه قرب يكسر ليه را سو ..يستاهل والله يستاهل هكذا إذن يا بصله صرت (دون جوان ) علي ( آخر الزمن )..ومع ذلك له ألف حق ..من منا لا يأسره الجمال ..بيد أننا نعبر عن إعجابنا به بطريقة لا تخلو من التهذيب والضغط علي المشاعر ..لو أننا نترك مشاعرنا علي سجيتها تعترف بما يجول في خواطرها دون حواجز ..لو أننا نطرح جانبآ ذلك السلوك المتمدين ونقول لمن نحب ..كل ما نريد .. بيد أننا نتلفع بقيود مثل الوضع الإجتماعي وطبيعة العمل ..والجمال يغزونا في عقر دارنا في الأماكن العامه وفي كل مكان ..يأخذ بتلابيبنا ويضغط علينا بلا هواده ..ولا نلقى سوي السلوك الحضاري والوعي العام وبضعة قشور كالثقافه والفكر ..وعندما يجن الليل وتسهدنا أطياف الجميلات نبحث عن تلك الترهات لتحمينا فلا نعثر لها علي أثر ..لو كنت مثل (بصله الأرعن ) جوّال بين الناس والأسواق والبيوت يقول لمن يحب بعفويته المحببه ( أنا بريدك يا فلان أو يا فلانه وأنا مكجنك يا فلان أو يا فلانه ) وعندما يسألوه لماذا يا (بصله ) لا يتردد في التصريح برأيه ..يقول لمن يعشق ..لأنك لذيذه وفنانه ولمن يكره لأنك حوامه وقطيمه ..قلبه علي طرف لسانه ولعل هذا ما جعله ضيفاً دائماً علي الحرا سه وذاك كان سبب العلاقه الوطيدة التي ربطتني به ..وكلما أواجه بقضية غامضة أو تختلط علي الأشياء أرسل في طلبه وما هي إلا ساعات وتكون كل المعلومات أمامي .
*******


 

رد مع اقتباس
قديم 04-12-2012, 06:10 AM   #4


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الرابعة
أمل مكاوي ..أمل مكاووووي ..أيتها الصادحة بأحزاني، المسافرة في عروقي ..من أين جئت ولماذا ؟..وأنت لا تشبهين تضاريس هذه المدينة الصغيرة حيث الليل والنهار والملل ..الصباح والمساء واللاشيء ..أنت لا تشبهين هذا الحر القائظ ولا الغبار ..أمل مكاوي.. لا لا هذا كثير عليّ ..هذه النعومة والإشراق وتلك الهينمات علي الخدين قريباً من العينين لعلك لم تنامي جيداً ليلة البارحه ..لا لا هذا كثير عليّ ..و(بعدين ..بعدين يا طارق ) ..إثبت يا رجل وكن رابض الجأش قوي الجانب ولا تضعف ..إن كانت قد أعجبتك تقدم للبيت الكبير واطلب يدها ..وهناك ربما تسنح لك رؤية الشيخ عثمان المكاوي ..شيخ في الثمانين من العمر ومنذ عشرين عاماً لم يره أحد .. يقولون أنه بكامل صحته كثور ..متوقد الذهن كحدأه ..ولسبب لا يعلمه أحد اعتزل الناس ، والمحظوظ من يسمع صوته عبر الهاتف ..كل ما بوسعك عمله وأنت تشتري من مملكته التي تغطي كل شيء هنا أو تبيع أن تتعامل مع محاميه وإبنه الأكبر الشيخ البغدادي والد (أمل ) ..وهكذا يا أملي.. أسوار عاليه وأجواء غامضه تفصل بيننا .
إذن علي أن أطرح هذه ( البطانية) اللعينة جانباً وأنام ..وهل نمت ؟ لا أظن ذلك ..وفجأة يمزق السكون الكثيف جرس الهاتف ..لعله (النوبتجي) يزف إليّ نبأ ورود بلاغ هام.. فالساعة تقريبآ الثانية صباحآ ..وجاء صوتها ناعساً وهامساً ..
أظنني أيقظتك من النوم ..لا أدري فقد خطر لي ..
أمل ..معقول .. أظنني قفزت أو اصطدمت بالمنضدة ..بكل شيء أمامي وصرت أتخبط في الظلام باتجاه مفتاح النور ..سقطت أشياء صغيرة وأخري كبيره مثل كوب اللبن وسطل الماء ..وسادت روحي والغرفة علي السواء فوضي عارمة ..التهدم والتشتت ورعود وبروق عبرت المدي وأطاحت بسقف الغرفة ووجدت نفسي مثل جزع شجرة عملاقة تمردت علي جذورها وحلقت في سماء الأبد أو ربما هي أضواء النيون المستوحشة فوق جدار البهو الخارجي وقد وشحتها سحابة عريضة من الجنادب ..أم أنها الإغماءة والسفر في عيون المستحيل ..أمل مكاوي.. ؟مستحيل..مس ..تا ..حيل ..
خطر لي أن أسمع صوتك في هذه الساعة المتأخره ..مجنونه ..مش؟
لا طبعآ .. أبدآ ..أبدآ ..أنا سعيد بسماع صوتك ..
حتي وأنا أقطع عليك نومه عملاقه فيما أظن ..
حتي وأنت ..وهربت الكلمات من فمي ولم أعد قادراً علي إتمام جملة واحدة ..أمل تكلمني ..بيد أنها لم تقل أي شيء حتي الآن ..هل أصرخ في وجهها وأقول لها أنا ..ماذا؟يا أمل ..ماذا أقول يا ..؟وبعد وقت ليس بالقصير استعدت ذاكرتي وعلمت من أنا ومع من أتكلم.
وثرثرنا قليلاً في مواضيع عامه وكأن كل واحد منا يضن علي صاحبه بلحظة صدق فيرتاح ..فماذا لو صرخت بأعلي صوتي في وجه هذه الصبية وقلت لها ..ماذا بوسعي أن أقول لها ..بربك قل لي ....وعندما وضعت السماعه ..ساد الغرفة صمت مريب لم ينتشلني منه سوي صوت آذان الفجر .
*******


 

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2012, 05:47 AM   #5


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي كانت لنا هنا أيام ..



بسم الله الرحمن الرحيم
كانت لنا هنا أيام ..
عبدالغني حلف الله الربيع
الإنسان بطبعه مشدود إلي الماضي ..لا سيما أيام الدراسة ..وها أنا بعد حوالي 56 عاما بالتمام والكمال أحاول استعادة فترة المدرسة الوسطي بالحصاحيصا الأهلية التي أسستها نخبة طيبة من رجالات هذا البلد وعلي رأسهم طيب الذكر الوداعة عثمان ..كنا صغاراً يافعين والبلاد قد نالت للتو استقلالها عن الإنجليز .. كان عدد التلاميذ بالسنة الأولي حوالي أربعين طالباً وسأحاول في هذه العجالة استعراض بعض الأسماء من الذاكرة المتعبة ..جاءنا من الحصاحيصا ..المهندس طيار الرائع المترف الراحل المقيم هاشم حسب الرسول وطائر النورس الرحالة صديق محمد علي الدباسي ودكتور سلمان الأمين وباشري والصبي الشقي كمال الوداعه ..ودكتور عثمان أحمد حمد النيل ودكتور أبوطالب اسماعيل وصديق عبد الوهاب المنصوري والطيب عبد المجيد وآخرون ومن طابت قدم إلينا البروف أحمد الأمين الشيح وأبوإدريس البدوي ابوإدريس ومعتصم الأمين ومن الحلاوين طه الأمين وعوض محمود والطيب النور وعبدالله قسم السيد ومن أبوعشر محمد أحمد الإخيدر وبشير شطه وصديق عبد الرحيم ومن الجديد والمسعودية محمد الجيلي بابكر واللواء شرطه معاش أحمد حسن محمد عثمان أبوهاله ..لقد كانت بحق دفعه مميزة أنتجت لنا لاحقاً أول الشهادة السودانية البروف أحمد الأمين الشيخ ..ولعل السروراء تلك النجاحات يكمن في البيئة المدرسية الرائعة التي وجدناها ..داخليات مريحة وحدائق غناء وهيئة تدريس متمكنة يقودها الناظر نورين والرائع المعلم الأستاذ بشير آدم والأخوين مبارك عبد الوهاب والطيب عبد الوهاب وكان هنالك أستاذ اللغة الإنجليزية الرهيب الأستاذ فتح الرحمن ..وكنا حين تعود الكراسات من التصحيح نعيش حالة من التوتر والترقب لأن أستاذ فتح الرحمن حين يكتب لك عبارة see me فعليك أن تكون جاهزاً لعشرة بسطونة علي أقل تقدير ..ومضت الأيام حيث انتقل ثلاثة أرباع الفصل إلي حنتوب والربع المتبقي إلي خورطقت ذلك لأن مدرسة الحصاحيصا الأهلية الوسطي لا تعرف عبارة ( لم ينجح أحد ) ومن هنا تحية إجلال وتقدير لكل الزملاء بالفصل ولأساتذتنا الرائعين ولعمال المدرسة عم تجاني والآخرين الذين لم تسعفني الذاكرة للإشارة إليهم.


 

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2012, 06:02 AM   #6


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الخامسة
إستدعاني المقدم أزهري وأخبرني بأننا مدعوون لشرب قدح من القهوة مع الوجيه إسماعيل بمنزله بالحي الغربي من المدينه..وأمام البوابة الفخمه تلقفنا ببشاشة لا تصدق ..وقد لاحظت وأنا أتوغل في السراديب وكأن المنزل قد كان مهجوراً لبعض الوقت بالرغم من سيماء الأناقة التي تبدو علي المباني وقد غطت النباتات المتسلقة المكان وطغت علي بعض الشجيرات الصغيرة وآكام الورد ..وكان ثمة عمال يروحون ويغدون في حركة نشطة ..منهم من يعيد طلاء الجدران ومنهم من يراجع توصيلات الكهرباء ..وقد جثمت في باحة المنزل صناديق كبيرة يبدو أنها تحوي الأثاثات ..أثاثات جديدة . .ومن بين هذا الركام أطل علينا وجه رائع لفتاة وقورة ..أنيقة ..مترفة ..وواثقة من نفسها وهي تدفع أمامها خادمة صغيرة وقد أشارت عليها بوضع القهوة في ركن غير بعيد من المكان الذي كنا نقف بالقرب منه ..
السلام عليكم ..قالت وهي تفرد يدها وإبتسامة ودودة تضيء وجهها ..
إبنتنا الدكتوره ندي ..واحدة من الطيور العائده التي ستنضم قريباً لمستشفي البلد كطبيبة نساء وولاده ..وسوف تلحق بنا في طائرة الثلاثاء والدتها مني وإبني هشام المتخرج حديثاً من كلية الهندسه ..
سلمت الدكتورة ندي وأنصرفت وقد لاحظت أن المقدم أزهري إضطرب إضطراباً شديداً لدرجة أن(الكاب ) ومفاتيح العربة قد سقطوا من يده ..وكان يود رد التحية بأحسن منها غير أنه فشل في إخفاء دهشته من حجم الوسامة التي شكلت الدكتوره ندي ..كانت من النوع الذيّ يعطيك الإحساس بأنك تعرفه منذ أمد بعيد ..وأنه صديق حميم أخذته منك سنين طويلة من الغياب وحين تلتقيه من جديد تخاف منه وتفترض بينك وبين نفسك أن أشياء وحواجز قد قامت بينكما وأن ثمة أناساً آخرين قد صادروا منك تلك الحميمية التي بنتها دواخلك بدأب وإخلاص شديدين وأن التفاصيل الحلوة والدقيقة حصيلة تلك الأيام قد ذهبت أدراج الرياح وقد تشعر ببعض الشجاعة إذ يرتفع (ترمومتر) العواطف لديك بتأثير اللقاء المفاجيء غير المتوقع إلي مائة درجة أو تزيد وتكتشف أنه لدي الطرف الآخر قد تجمد في مكانه أو دون ذلك بكثير ..فتأسف للصورة القديمة بحيويتها الماضية وقد سقطت من علي جدار الذاكرة وتهشمت ..وتتمني لو أنك لم تلتقيه أصلآ حتي يبقي ذلك الوميض الرائع في الذاكرة يذكرك بصديقك الغائب منذ ذاك الحين ..وكانت الدكتورة ندي مفرطة في بشاشتها للدرجة التي تجعلك تتمني لو أنك تغمض عينيك وتجدها وقد ذابت في ثناياك ..بيد أنها سلمت كهطول المطر وغادرت كلألاء البرق ..وما بين إطلالتها وانسحابها طاشت في عقل كل منا تراجيديا من الألم والأمل ..ولم يضع الوجيه إسماعيل وقتآ وهو يصحبنا نحو منضدة القهوة ..فحكي لنا تاريخ حياته وحياة أسرته بتفاصيل دقيقة وممله وبينما نحن نعود لمخفر الشرطة رسخت في أعماقي ما قاله عن ماضي والده (كان الوالد رحمه الله يعمل مديرآ لأعمال مكاوي عثمان المكاوي الجد .)


 

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2012, 03:16 PM   #7


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة السادسة
غادرت أمل إلي الخرطوم لحضور مناسبة عرس إبنة عمها ملاذ ..فغادرتنا المدينة إذ غادرت ..وعجبت كيف استطاعت صبية صغيرة كأمل أن تختصر المكان والمجال وقوانين الجغرافيا ..فبعد أن كانت مدينتنا الوادعة في وجودها خضراء متالقة ..فسيحة وكثيرة الثراء ..باذخة الأناقة .. تحولت فجأة بمجرد قراءتي للوريقة التي بعثت بها إليّ مع الخادمة إلي مدينة بلا طعم ..تكلست في سمائها تلك الأنسام الرقيقة وصمتت في زواياها الموسيقي ..لماذا يا أمل ؟..لماذا أنا من دون بقية الخلق من يتحمل أوجاعك ونزواتك ..تسافرين وتغيبين كما تشائين ..تأخذينني في أحاديث طويلة لا تنتهي ..ليوم أو يومين وأظل مصلوباً لأسبوع كامل والصوت الدافيء لا يجيء لا يجيء ..فلا أملك سوي أن أتمزق ولا أجد سبيلاً للنسيان ..كما تشائين يا أمل كما تشائين .
وكما للسعادة وجوهاً لا تخطؤها العين كذلك التعاسة ..فقد سألني المقدم أزهري ما بك يا طارق ..وسألني الوجيه إسماعيل ..مابك يا رجل وسألتني الدكتورة ندي ..هل تشعر بشيء ..؟ كذلك سألني الحلاق والخباز والمضمون والطاهية ..فهل أقول لهم أن صبية لا تعرف حتي اليوم كيف تمشط شعرها فتدع خصلاتها للريح يفعل بها ما يشاء وأنها تضحك بصوت يماثل رقرقة الماء في الهضاب البعيدة وأنها فوضوية وساحرة ولا تذاكر دروسها كما ينبغي.. قد أورثتني الأسقام والأمراض ..بأن سافرت لحضور حفل زفاف ولعلها الآن في أوج سعادتها ولم تدرك رأسها الصغيرة بأن في سفرها عذابي ..هل أقول لهم وأزيد ..أم أكتفي بأن أحدث كل واحد منهم بأسباب لا تمت للحقيقة بصله ..كأن أقول لهذا إنها الملاريا اللعينة والحمي ..نعم الحمي التي تصهرني دون هوادة أم أغمغم كتلميذ راسب في كل المواد ..أو أتذرع بالإرهاق البسيط ؟ ربما من الأفضل لي أن أكتفي بهمهمات تبعثرها شفاه يابسة ثم ألوذ بالصمت ..أمل مكاوووي سامحك الله .
-ماذا حدث يا فيصل ؟ حدثني بدون لف أو دوران ..
بصراحه بصراحه يا جنابو ..الحصل أنو مفتش التعاون وصل أول أمبارح ..ودعا ناس الحي الغربي في النادي عشان يكوّنو ليهم جمعيه تعاونيه شنو كده أغراض ..
متعددة الأغراض ..وبعدين حصل شنو ..
أها الناس إتلملمت الأعمي شايل المكسر ..قام مفتش التعاون خطب فيهم وإتكلم عن فوائد التعاون والتعاون كويس ..
وبعدين يا فيصل خش طوالي في الموضوع..
ما تصبر شويه يا جنابو ..قام يا سيدي اللمنتي ليك المفتش قال لينا لو في زول عندو سؤال يتفضل ..قامت سميره الأميره سميره الخطيره ..سميره الرايقه المهذبه ست البنات ..س
يا فيصل بطل الثرثره ووريني الحصل شنو أو إتفضل أطلع بره ..
لكن سميره ما ختت كلام ..المفتش إتلخم ..نان ما قمره عديل وعلي التوب الأخضر.. الخلوق دي كلها سكتت التقول صبت فيها مطره ..
لا إله إلا الله ..
محمد رسول الله ..خلاصة الكلام ..أنا كنت قاعد قريب من صف النسوان ..قدامي تلاته أولاد أغراب ..سمعت واحد فيهم قال لزملاتو ..الوقت مناسب لتنفيذ التعليمات ..وقام من محلو خطف المكرفون من سميره وقال ناس التعاون حراميه أكلو قروش الطاحونه ..وقام دفر سميره لغاية ما إترتحت ..والعكاكيز إشتغلت ..وشي بالكراسي ..والنور قطع والإجتماع إتفرتق ..
التعليمات !!؟ ..تعليمات منو ؟
نامت المدينة وفي ذاكرتها دوّي ما حدث لمفتش التعاون وهي لا تكاد تفهم شيئاً ..وكانت الشرطة أكثر حيرة من غيرها ..فبعد أن سيطرت علي الموقف ونقلت المصابين للمستشفي بحثت عن الرجال الثلاثه الذين تسببوا في الشغب ولم تعثر لهم علي أثر ..وظلت كلمة(تعليمات ) ترن في أذن طارق يقلبها في ذهنه وهو يتقلب علي فراشه ..
تري من تكون سميرة هذه التي يلقبونها هنا بالأميره ..إنها رئيسة شعبة اللغة الإنجليزية بمدرسة البنات ..عاشت طفولتها بالخرطوم حتي الجامعه وكانت لا تأتي إلي هنا إلا في العطلات فقط لزيارة بقية العائله ..تحس وأنت تراها لأول مره إحساسآ غريبآ هو مزيج من الدهشة والإنبهار والإعجاب المدمر وتتمني لو أنها تمت لك بصلة ما حتي تجدها أمامك كل يوم ..مطلقه من مليونير خرطومي تعرفت عليه من خلال شقيقته الطالبة في كلية الآداب بتلك الجامعة العريقه ..وكانت هي قد نالت درجة الماجستير وتم إعتمادها في ذاك العام كمعيدة بالجامعة في مادة اللغة الإنجليزية تخصص شعر و مادة اللغة الإنجليزيه بصفة عامه وكانت لها رؤيتها الخاصة بها حول الشعر والشعراء ..إنها تعتقد فيما سمعت .. بأن الشاعر والقصيدة يتآمران علي المتلقي ويوقعانه في مصيدة المشاعر الغامضة والمشوشه وأن المتلقي يعايش القصيدة بإحساس صادق بينما الشاعر ليس سوي صانع للأكاذيب الجميله ..الشاعر من وجهة نظرها هو مهندس القصيدة والمتلقي هو الساكن الجديد للقصيده ، يسكنها وتسكنه ..وسرعان ما ذاعت شهرتها في الجامعة ..وكانت أينما ذهبت يتحلق حولها الطلبة والطالبات ..وهي مدافعة قوية عن حقوق المرأة وتحفظ عن ظهر قلب كل النصوص المتعلقة بذلك إن كان علي صعيد المعاهدات الدولية أو كان علي صعيد القوانين المحليه وهي تؤمن بأن المرأة السودانية ضحية لمجتمع ساهم بشكل أساسي في جعلها متواضعة وخجولة ولا تعرف كيف تعبر عن نفسها واحتياجاتها النفسية والعاطفية ولا تمارس الرياضة فيؤثر ذلك علي بنيتها الجسمانية والجماليه فهي لذلك تطالب بساحات وميادين خاصه بالمرأة فقط بعدد ما يتوافر للرجال .. وهي تعتقد أن الرجل في كل الأحوال مغرور وأناني ..وعندما تزوجت شقيق تلميذتها الثري الأنيق إعتقدت خطأ أن مظهره الخارجي يعكس إنساناً متفرداً في فهمه للحياة..بيد أنها إكتشفت بعد شهر واحد من زواجهما بأنه ليس سوي دعّي أجوف ..فطلبت منه الطلاق فلم يتردد في تطليقها بعد أن إكتشف هو أيضآ بأن هذه المرأة أكبر فيلسوفة في القرن العشرين وهو لا يطلب سوي زوجة تطيعه في كل شيء ، تصنع له الطعام وتغسل له جواربه وتعيد أزرار قمصانه إلي موقعها كل صباح ومن ثمّ تنتظره آخر النهار وقد أعادت ترتيب المنزل وأطلقت شيئآ من البخور ..بعد أن تكون قد جهزت وجبة الغداء ..إنه لا يريد زوجة تنكب ليل نهار فوق الكتب وتدفن نفسها في ثنايا المراجع وتقول له وهي منهمكة في القراءة ..الأكل جاهز في الثلاجه ..helpyourself))..لذلك طلقها بمجرد أن طلبت منه ذلك ..فما كان منها إلا أن حزمت حقائبها وغادرت الخرطوم نهائيآ لتعيش في هذه المدينة كمعلمة لللغة الإنجليزية وقد وهبت نفسها ووقتها لقضايا المواطنين هنا ..لذلك لم يكن مستغرباً أن تحظي بمحبة الجميع .


 

رد مع اقتباس
قديم 04-23-2012, 03:06 PM   #8


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة السابعة
ولكن ..تعليمات من ؟ النقيب طارق وقد عاد من تأملاته في شخصية سميره وبدأ يفكر من جديد حول حادثة مفتش التعاون ..أحياناً يصرفه عن التفكير فيما حدث خيال أمل ..يوشوشه بكلام لذيذ ..كلام يتمني أن يسمعه منها ..بيد أنها تبخل عليه بمثل هذا الذي يريد ويبدو أن الهدوء الذي يميز تلك المدينة يخفي في إهابه الكثير من الأحداث الصغيرة والمفاجآت فقد قطع عليه تأملاته شيخ وقور ليبلغه هو شخصياً بلاغاً جنائياً لا يستطيع إيداعه مكتب البلاغات ..رحب به طارق وأجلسه قريباً منه وطلب منه أن يقص عليه الحكايه ..تردد الرجل برهة وبعد مقدمات طويله دخل إلي لب القضيه ..قال له : عدت إلي منزلي بعد صلاة الفجر وفوق عتبة الدار وجدت كومة من الملابس منسية هناك.. أخذتها إلي الداخل وقد خمنت أن شخصاً ما قد جلس فوق الدرج ليلتقط أنفاسه ونسيّ حاجياته وهو يغادر وقبل أن أتوغل تماماً داخل منزلي شعرت أن ثمة شيء يتحرك من بين ثنايا الملابس .. ناولتها لزوجتي وعكفنا سوياً علي إستجلاء الموضوع ، وفوجئنا بطفل حديث الولادة وقد أصابه البرد والعطش والوهن وكأنه يحاول أن يصرخ فلا يغادر صوته فمه ..دهشنا من شدة المفاجأة التي كان وقعها علينا عظيماً وأسرعت زوجتي لتأتي بشيء من الحليب تجرعه الطفل بتلهف ينم عن مدي ما يكابده من ظمأ وجوع ..وشيئاً فشيئاً عادت الدماء لوجهه من جديد ونام بين ذراعي زوجتي في اطمئنان وسعادة لا تخطؤها العين ..زوجتي المحرومة من أبنائها المبعثرين في أوروبا والخليج بذرت بين حنايا الطفل كلما اختزنته من حنان طوال سنين عديدة ووسدته صدرها وضلوعها وكأنها أمه الحقيقية وعندما قلت لها سأذهب لأبلغ الشرطه بما حدث بكت بكاءاً مراً ورجتني ألاّ أفعل ولكن مسؤوليتي تحتم عليّ أن أفعل ..أمرت السائق بتجهيز العربة والكلام هنا لطارق وتوجهت مع ذلك الرجل نحو منزله وكانت أكثر من مفاجأة بإنتظارنا ..إذ تلقتنا الزوجة لدي الباب والفرح يلون وجهها الطيب ..قالت لنا : لقد رضع الطفل ..حضرت فتاة تبحث عن عمل وعندما طلبت منها أن ترضعه لي وافقت وسرعان ما التقم الطفل حلمة ثديها وراح يرضع بدأب شديد ..كانت الزوجة سعيدة بما أنجزت وطلبت مني أن أدع الطفل وشأنه فالخادمة الجديدة سترضعه لها ..دعه لنا يا جناب الضابط يؤنس وحشتنا بعد أن سافر الأولاد في بلاد الله الواسعه ..طمأنتها بأنني لن آخذه منها وطلبت من تلك الصبية أن تتبعني ، وفي غرفة مجاوره سألتها بحزم وإيجاز شديدين ..هل أنت أمه ..في البداية فوجئت بسؤالي بيد أنها سرعان ما استعادت هدوءها من جديد ..لكنها صمتت ولم تنبس ببنت شفه ..أعدت عليها السؤال بشيء من الخشونة والتهديد فجاوبتني دموعها التي انهمرت بغزاره ..من فعل بك هذا ؟ تماسكت قليلاً وهمست في حياء شديد ..إنه إبن السيد .. السيد الذي أعمل عنده أي سيد ؟ ..(صمت)..أنت إذن لا تريدين الإفصاح عنه ؟ ..لن أتكلم مهما فعلتم بي .. هل علم أحد من أهلك بالأمر ؟ لا ..لا أحد يعلم ..أين منزلكم ؟ ..إنه خارج المدينه ..وتعلم أسرتي أنني أعمل مع السيد في البيت الكبير ..ومن ثمّ عدت من جديد للرجل وزوجته وأخبرتهما أنه بإمكانهما الإحتفاظ بالطفل دون خوف ..وكانت فرحة الزوجة عظيمة ..وأخذت معي الزوج ليوقع لي علي بعض الأوراق ريثما يعود لمنزله من جديد .


 

رد مع اقتباس
قديم 04-24-2012, 03:15 PM   #9


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثامنة
عدت إلي منزلي وكنت بصدد القيام صبيحة الغد بمامورية هامه لذلك قررت أن آوي إلي فراشي مبكراً تلكم الليله ..بيد أنني لم أنم ..حاولت بكل ما أملك من خدع وأساليب أستدرج بها النوم بلا فائده وعوضاً عن ذلك فاجأتني ذكريات قديمة ..منها ما أعادني إلي طفولتي ومنها ما أعادني إلي أيام كلية البوليس ومحطات في حياتي هنا وهناك عن بدايات أحزاني وهزائمي وحبيباتي ..حبيباتي ..؟! (أين حبيبات عينيك ..؟..كنت زماناً ترقش وجدانهن بالكلام المنمق ) ..هل تذكر عاتكه ؟ إلتقيتها في القطار السريع المتوجه نحو الخرطوم ..كان كل شيء يضج بالزعيق والغبار إلا عيناها ……كانتا كبحيرتين ساكنتين .. تناولت منها حقيبة يدها وساعدتها علي صعود القطار وأفسحت لها مجالاً حيث كنت تجلس والآخرون .. يا للرقة والحياء والوسامة .. والدها كان يعمل بالجزيره وكانت في طريقها لقضاء بعض الوقت مع جدتها بأمدرمان ..كنت تسأل وهي تجاوب بما يشبه الهمس .. أها ..آآها وعندما طلبت منها أن تعطيك عنوانها إعتذرت في تواضع جم وقالت إنها تفضل أن تأخذ هي عنواني ..قلت لها وأنا أضعها داخل عربة أجره .. سأنتظر خطاباً منك يا عاتكه .. وبعد بضعة أيام حمل لي البريد رسالة منها تتكون من بضعة أسطر .. أنا مخطوبه وأحب خطيبي وأتمني لك السعادة في مقبل أيامك .. آه يا ولد .. دائماً تواجه بالرفض وإلا كيف يكون الرفض إذن ..( أين حبيبات عينيك .؟ كنت زماناً ترقش وجدانهن بالكلام المنمق ) ..هل تذكر أنسام ..كانت تكتب الشعر والشعر يكتبها.. فما أعجب من قصيدة تكتب قصيدة ومن شعر يكتب شعراً ..قالت لك خطيبي يعذبني .. وأنت ألا تعذبينني ..؟ قالت لك نسيني خطيبي الغائب منذ ثلاث سنوات ..فهو لا يكلف نفسه مشقة الكتابة إليّ ..وأنت ألم تنس أن ..ماذا ..؟ لا يا ولد ..يكفيك أنك عشت عصر أنسام وأن عينيك إكتحلتا بذلك السحر الآسر .. بيد أن الخطيب الغائب عاد فجأة وبسرعة غير مسبوقة تمت مراسم العرس وكأن العريس قد إكتشف عندما عاد أي جوهرة يمتلك ..لذلك أخذها وغادرا البلاد علي جناح السرعة ..يكفيك يا هذا أنك إلتقيت ذات يوم أنسام وسبحت في بحار عينيها بالساعات الطوال ..(أين حبيبات عينيك ..؟ كنت زماناً ترقش وجدانهن بالكلام المنمق )..هل تذكر شروق تلك البرجوازية الصغيره ..قال لك صديقك والذي هو في الواقع إبن عمها ..مجنون من يتقدم لخطبة شروق .. من أين له تلبية طلباتها التي لا تنتهي ..فإذا كان والدها الميسور الحال ينفق بلا حدود علي وحيدته ..فماذا يفعل ضابط محدود الدخل مثلك .. ولكنك أحببتها بجنون ..وقد أعطتك أسرتها الضوء الأخضر ..فهيا تقدم يا ولد ..وكنت سأتقدم لولا وريقة صغيرة تركتها لي فوق مقعد عربتي تقول لي فيها إنها علي وشك الإرتباط بمن تحب وهي تخشي إن أنا تقدمت لطلب يدها أن تقبلني أسرتها.. أما هي فسوف ترفض بكل تأكيد .. ساعتها ستسوء الأجواء بينها ووالدها الذي تحبه من أعماقها ولن تسمح لأي كائن كان أن يكدر صفو العلاقة بينهما .. هكذا إذن.. رفض وتهديد .. وكثيرآ ما تواجه بالرفض يا ولد ..( أين حبيبات عينيك ..؟ كنت زمانآ ترقش وجدانهن بالكلام المنمق ..) ..هل تذكر سلافه ساحرة الوجنات ..ولبني الخائنة ..المخادعة وُسكيني بعيونها الجديده ..( بل أين حبيبات عينيك ؟ كنت زماناً ترقش وجدانهن بالكلام المنمق .)
*****


 

رد مع اقتباس
قديم 04-25-2012, 02:34 PM   #10


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة التاسعة
طلب مني المقدم أزهري أن أنضم إليه لنذهب إلي المطار لنكون في إستقبال أسرة الوجيه إسماعيل ..وعند مفترق الطريق المؤدي إلي المطار تقابلنا مع الوجيه إسماعيل وكانت تركب معه إبنته الدكتوره ندي وعلي ظهر العربه لمحت بصله الأرعن وفيصل ..هكذا هما بصله وفيصل ..بإمكانهما القفز فوق أي عربة متحركة دون أن يسألا حتي إلي أين ..فليس وراءهما شيء يفعلانه سوي التجوال ونقل الأخبار وإطلاق التعليقات المرحة علي جميع مواطني المدينه بلا استثناء والحق يقال ..لا يدخران وسعاً في بذل طاقتهما البدنية والذهنية في مساعدة كل من يطلب المساعده وهما يشكلان حضوراً كثيفاً في دار الرياضة الصغيرة ومن ثمّ يعطيان المكان نكهة خاصة فيها المرح وأحياناً يثيران التوتر فيطردهما الحكم إلي خارج الملعب ويوقع عليهما الإتحاد عقوبة الحرمان من حضور المباريات ولكنه يعود وبعد حين فيرفع عنهما العقوبه عندما يكتشف أن الدار بدونهما ساكنه .. ممله ..عديمة الحيويه ..وهما من ينصب (الصيوان ) ويجهز المكان في مناسبات الأفراح والأتراح و في نفير البناء و قيادة الهتاف والزعيق والتصفيق عندما يزور المدينة مسئول كبير ..أين يقيمان ؟ ..ليس لهما مكان محدد ..فكل منازل البلد مفتوحة وجاهزة لإستقبالهم ولا تتورع الصبايا في الظهور أمامهما بدون ثوب ..فالكل يسلم بهما كأمر واقع مثل الربوة المطلة علي المدينه وشجرة الحراز العملاقة وسط السوق ..لذلك رحب بهما الوجيه إسماعيل عندما هما بالركوب في ظهر العربه فلا أقل من مساعدتهم له في تحميل الحقائب وإنزالها وإعادة ترتيب المنزل بالصورة التي تنال رضاء المدام وقد يعلم الوجيه إسماعيل قبل غيره كم هي ساخره وحاده عندما يتعلق الأمر بنظافة المنزل وترتيبه ..لذلك بذلت الدكتوره ندي مع الخادمه أقصي ما يستطيعان من جهد لإعطاء المنزل الضخم لمسة من الجمال والأناقه ..نثرتا المزهريات هنا وهناك ونضختا شيئآ من عطر الورد والبخور في بهو المنزل وغرفه الكثيره .
ترجل الجميع أمام بوابة الجناح المخصص لإستقبال القادمين بالمطار المتواضع وظلت أنظار المستقبلين تقرأ الأفق الغربي بحثآ عن أثر للطائره ..وكان بصله أول من نبه لنقطة الضوء الصغيرة التي بدأت في الظهور ..وهو يتقافز في فرح طفولي عارم ..
تأخرت المدام في النزول إنتظاراً لتدافع المسافرين الذين أرهقتهم المواعيد المؤجله لأكثر من مره مما أضّطرهم للمبيت في مطار الخرطوم ..وأخيرآ أطلت مني وهي تتشامخ كأميره ..وكانت بحق الأكثر أناقة ووسامة من بين جميع القادمات في تلك الرحله ومن خلفها ظهر المهندس هشام وهو يلوح لوالده وشقيقته الدكتوره ندي بأشواق وحب ..وكانت الدكتوره ندي قد حضرت وهي لمّا تزال ترتدي (الروب ) الأبيض الشيء الذي يرجح إحتمال أن يكون الوجيه إسماعيل قد إصطحبها معه من المستشفي مباشرة ..وقد كان طارق يتابع من طرف خفي الإرتباك والتوتر اللذين يسيطران علي المقدم أزهري وقد وجد نفسه وهو يقف علي بعد خطوات من الدكتوره ندي تغمره لمسة رقيقة من عطرها المنساب مع الهواء الطلق في الفناء الواسع أمام المدرج ..
أخذ المهندس هاشم والده بالأحضان وهو يتمتم ( إزيك يا عم ..كيفك ؟) ..إن لأبناء الذوات هؤلاء عجائب لا يفهمها النقيب طارق ..فالأب ينادي إبنته بال(ماما ) والولد يقول لأبيه يا عمي والزوجه تنادي الزوج ب (يا بابا )..اين (يمّا) ..و(يابا ) ..إنهما أكثر حميمية وواقعيه ..أما المدام فقد إكتفت بتحية مستقبليها بإيماءة صغيرة وأفردت يدها للوجيه إسماعيل تسلم عليه و كانت تمسك بيدها الأخري فيما يبدو لوحة عملاقة داخل إطار فخم تجسد صورة أسد ولبوة وهما يتعاركان مع بقرة وحشية تناضل من أجل البقاء ..وهرع بصلة وهو يسارع بحملها عنها فكاد أن يسقطها .. فانتهرته بصوت عال أطار صوابه ..كانت تبدو رائعه وجميله مع قدر كبير من الأنفة والكبرياء ولا يدري المقدم أزهري لماذا تذكر في تلك اللحظة بطلة الرواية المعروفه ( المرأة أصلها أفعي ).


 

رد مع اقتباس
قديم 04-26-2012, 03:36 PM   #11


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة العاشرة
ذهبت إلي منزل الباشكاتب أعوده إذ تغيب عن العمل بضعة أيام وأنا أشعر تجاهه بنوع من المسئوليه ..فلا أحد يهتم به في عزلته تلك ..وجدته في حالة يرثي لها من التعب والأعياء وبدأ لي وكأنه شيخ في السبعين من العمر ..قلت له مداعباً ( أنا أخوك يا الكنينه ) ..ولم أكن أدري أن مزاحي معه سيحوله إلي تلك الحاله المفاجئه من الإرتعاش والهذيان بمجرد نطقي لذاك الاسم ..( عمي لا ..يابا الرشيد ..سهام لا ..سهام ..) ومن ثمّ راح فيما يشبه الإغماءة القصيره ..فكرت في نقله للمستشفي بيد أنه أفاق بعد ثوان وعاد طبيعياً ..( جنابو ..أهلاً وسهلاً ) ..كفاره يا بشكوت أفندي ..ما نمشي المستشفي أحسن ..لا لا ..أنا كويس ..كويس والله العظيم ..وشنو الحكايه ؟ يابا الرشيد وسهام ..إنتفض في ذعر لا تخطئه العين ..معقول وأنا صاحبك ..ما توريني الحاصل شنو ..إنت منو وجيت من وين يا مامون ؟ أرجوك تصارحني بكل حاجه وأعدك بالمحافظه علي أسرارك مهما كانت ..رانت علينا لحظة صمت قاتله و ..في الحقيقه أنا كذبت عليكم فيما يتعلق بشخصيتي وإسمي وحاجات كتيره يا جنابو ..خمستاشر سنه وأنا أحمل إسماً غير إسمي وأعيش واقعاً مهنياً لا صلة لي به وكل ما حولي مزور وزائف مع سبق الإصرار والترصد وعلاقتي مقطوعة تماماً مع أسرتي ..الوالد والوالده وأخواتي وأخواني وكل ناس حلتنا بعد ما زوّرت إسمي ووظيفتي وكل شيء يخصني ..أصابني نوع من الذهول وانعقد لساني من المفاجأه ..يعني إنت ما ..أيوه ..إسمي الحقيقي كمال وأنا خريج بيطره من إحدي الجامعات المصرية وبعد التخرج تقدمت لخطبة إبنة عمي سهام ..لكن عمي فضل تزويجها لإبن شقيقه لأمه وأبيه ورفضني لأن والدي شقيقه لأبيه فقط ..ولأشياء ومشاكل قديمة صاحبت زواج جدي من والدة أبي كزوجة ثانية ضد رغبة أسرته وبالطبع والدته الزوجه الأولي ..هذه المواويل المتكرره منذ روميو وجوليت غيرت مجري حياتي وأحالتني إلي متشرد كما تري بنفسك ..لكن سهام شيء آخر ..سهام حياتي ..عمري ..طفولتي وذكرياتي ..نشأنا وترعرنا في ( حوش ) واحد ..كنا لا نفترق أبداً ..نذهب إلي النهر ونسبح كصديقين حميمين ونستلقي فوق رمال الشاطيء نتواثق ونتعاهد علي ألاّ يتخلي أحدنا عن الآخر عندما نكبر ,,كنا نلعب ( عروس وعروسه ) تزفنا جموع الأطفال في سننا بالزغاريد والطبول الصغيرة إلي منزل عباره عن دائرة كبيرة تحت سقف الصخور الناتئة عند الشاطي وعندما تسألها شقيقاتها الكبار وعماتها وخالاتها ..من هو عريسك يا سهام ؟ تتواري خجلاً وتهمس لهن ..كماال..كمال ؟! كانت حين تفاجؤنا العاصفة أو الأمطار تندس بين حنايا ضلوعي ووقتها كان إحساساً غامضاً يعتريني لا أدرك له كنهاً سوي أنني أضم إلّي كنزاً ثميناً إسمه سهام وأنه يخصني وحدي وكنا نتبادل الدفء الأخوي والهمسات والوشوشات ونضحك ..نضحك مما يثير غيرة رصفائنا من الأطفال الصغار ..فنشأت ثنائيات هنا وهناك ..وكنا نحن من أوجد ذلك التقليد ومن ثمّ أصبحت كل واحدة من أولئك الآنسات الصغيرات دائرة محرمة علي من تنتمي إليه ولعل ذلك كان واحداً من أسباب الشجار اليومي لا سيما عندما يحضر طفل جديد إلي دنيانا لا يعلم بأن ثمة إرتباطات قد توطدت ..وهكذا ضاعت سهام وإلي الأبد ..كان هاجسي وأنا في الثانوي وطموحي وأنا في الغربة طالباً بكلية البيطره ..يعني إنت إسمك كمال وليس ..؟! نعم يا جنابو إسمي كمال الحاج عمر وأنا من ..( تردد وحيره ) ..من وين يا كمال ؟ ,,وخرجت من عنده وأنا لا أكاد أصدق ماسمعت ..وقد أخبرني أنه وفي ليلة زفاف سهام المغلوبة علي أمرها ..إنسل خارجاً تحت جنح الظلام وغادر القرية بعد أن
ترك رسالة قصيرة لوالده ووالدته تقول ( أعفوا عني ولا تكلفوا نفسكم عناء البحث عني وسأعود بإذن الله العلي القدير ) . . خمستاشر سنه يا كمال ..معقول ده يحصل ؟ وكان عليّ أن أتصرف بسرعه وهذا ما فعلته بالضبط .

*******
طارت الكنينه بأجنحة الريح في ذلك الصباح المشرق إثر تلقيها نبأ العثور علي مكان الدكتور كمال أو الباشكاتب المزّور مامون ..وصارت تدق أبواب سكان القرية الواحد تلو الآخر ( يا خالتي آمنه ..دكتور كمال لقوه ..دكتور كمال عايش ..يا ناس.. أخوي كمال عايش ..هوي يا الحبان ..كمال أخوي عايش ) ..وكان صراخها يختلط بالبكاء والهياج ..وكنت تجد من بنات الأسره من تخرج لملاقاتها خارج المنزل حتي دون أن تضع شيئاً من الثياب عليها تأخذها بالأحضان وتبادلها البكاء والنحيب .. لعلها دموع الفرح سالت مدرارآ علي تلك الوجوه المتعبة وجوه ناس (الحله) وجوه العمات والخالات ..أما والده الحاج الرشيد فقد إلتزم الصمت التام وقد إبتلع مشاعره المتفجرة وشعر أنه سيبكي لو فتح فمه بكلمة واحده ..لذلك كان يكتفي بمصافحة المهنئين وهو يرتجف من شدة التأثر دون أن ينبث ببنت شفه ..وكانت ردة فعل والدته أقصوصة سارت بها الركبان ..فقد إعتزلت الحلو والمر منذ رحيل كمال ..وتمددت الأمراض فوقها تنهش بقايا جسدها النحيل وظلت حبيسة غرفتها وسريرها خمسة أعوام كاملة ..بعد أن يئست تماماً من عودة كمال ..ولكن ما أن وصلها الخبر حتي نهضت تحجل إلي فناء الدار بل وإلي الشارع وهي تبكي وتولول ( جيبوا لي ولدي ..جيبوا لي ضناي ) ..وطرق الخبر مسامع إبنة عمه سهام ..فأغمي عليها وعكفت شقيقاتها يضعن شيئاً من العطر وبعض الماء بين عينيها وعلي رأسها ..بيد أنها همدت تماماً ..ولولا ذلك الأنين الخافت الذي ينبعث من بين ثنايا شفتيها وترديدها لإسم كمال لاعتقد الجميع أنها فارقت الحياه ..لقد رضخت سهام لمشيئة والدها وتزوجت من إبن عمها ولكنها عادت وأحالت حياته إلي جحيم لا يطاق ..فطلقها بالثلاثه ولم يمض شهر واحد علي زواجهما ..ولو أن كمال كان قد صبر قليلاً ..لكانت من نصيبه .
نحرت الذبائح واستعادت سهام وعيها وتماثلت للشفاء من هول المفاجأة التي كادت أن تقضي عليها ..وتساءل الناس عن تلكم المدينة البعيدة التي إستقر بها كمال وقد أسعدهم نبأ وقوعها علي خارطة السكه حديد ..وشرع الحاج الرشيد في تجهيز نفسه للسفر وقد قرر أن يصطحب معه الكنينة لعلمه التام بمدي الحب الذي كان يكنه لها كمال وهي طفلة لم تتعد الخامسة حين تركهم وغادر البلده ..آه يا كمال لو تعلم مقدار الحب الذي يكنه لك أهلك لما فكرت في الرحيل بعيداً عنهم والإنزواء في ذلك الركن القصي من الكون ..خمسة عشرة عاماً يا دكتور وأنت تعيش بشخصيتين ..خمسة عشرة عاماً وأنت تعايش الغربة وتتعاطي الحزن والإنكسار ..أي إنسان أنت يا كمال ..ألهذا الحد غالية عندك سهام ..وهل يعني فقد إمرأة نهاية الكون يا رجل ..لا لا يا عزيزي كمال ..لست وحدك من فجعته الأيام بفقده إمرأه ..ولكنهم صمدوا كرجال أقوياء لا تهزهم الأحداث ..ضمدوا جراحاتهم وواصلوا رحلة البحث عن أخريات ..ولكن سهام شيء آخر يا جنابو طارق ..سهام هي حياتي ..روحي وثمرة فؤادي ..فماذا تبقي لديّ بعد أن أخذوها مني ..ووالدك وأمك والكنينه ..أليس لهم مكان في ضميرك ياكمال ..؟!!
*******


 

رد مع اقتباس
قديم 04-27-2012, 01:25 PM   #12


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الحادية عشرة

حضرت إليّ بمكتبي الأستاذه سميره لإستكمال بعض الإجراءات فيما يتعلق بحادثة الإعتداء التي تعرضت لها لدي إجتماع التعاون ..وكانت آثار جرح صغير لا تزال بادية للعيان فوق وجنتها اليمني ..قلت لها مداعباً لو كنت في مكانك لطلبت من الجاني جرحاً صغيراً علي الجانب الأيسر من وجهك ..لقد أضاف لك ذلك الجرح الصغير جمالاً لا مثيل له وكأن من قام به إخصائي جراحة تجميل وليس مجرماً ..ضحكت من أعماقها وقالت لي أنت تبالغ يا طارق ..وهذه ليست المرة الأولي التي أسمع منك فيها مثل هذا الإطراء ..هل تحبني أم ماذا ؟..ما الذي يجعلك تغتنم كل شاردة وواردة بتذكيري بأني جميلة وأنيقه ..لقد بدأت أشك في أنك ربما لاحظت أنني أذبل وأتهدم بفعل الزمن والظروف وتحاول منحي بعض المعنويات ..لكن لا يهمك ..فسوف يبقي ذلك الجرح وساماً أعتز به كمدافع حقيقي عن الناس الغلابة والمحرومين ..ولا أظنك لا تعلم حتي اليوم المحرض علي إفشال الجمعية العمومية للتعاون .. ألا تقولون أن الدافع للجريمة حين يكتشف تكون ملابسات القضية قد بانت ..ها .. من هو صاحب المصلحة الحقيقية في عدم قيام كناتين تعاون بهذه المدينه ؟ولماذا يفتح شخص واحد ثلاثين بقالة في شتي أنحاء المدينة وجميعها تحمل إسم البغدادي ..مرات واحة البغدادي أو مركز أغذية البغدادي ..أليس هذا هو الإحتكار بعينه ..هل تذكر أحداث الشغب التي وقعت الشهر الماضي عندما إختفي الكبريت فجأة وصار الباعة الصغار يبيعونك عوداً واحداً أو إثنين من أعواد الثقاب بخمسين جنيهاً .. لماذا في كل شهر تختفي سلعة واحدة دون سواها ..هذه الأيام مثلاً لا يوجد معجون أسنان بالبلد ..لماذا ؟ ..قلت لها مهلاً يا أستاذه هل ستتحول معلمة اللغة الإنجليزية الساحره إلي محقق ..عدنا للغزل يا طارق أنت تربكني حقاً والكل يعلم قصتك الجديده مع الأميرة الصغيره صاحبة الحسب والنسب وتعلقك بها ..إن بصله قد أخبر الناس والأشجار وربما الحجاره بأن إحدي بنات البغدادي قد حضرت إليك بالمكتب بصحبة شقيقها وأنك عطلت دولاب العمل لحين مغادرتهما ..لم أكن مهيأ لمثل هذه الملاحظة لذلك تلعثمت لدرجة الغباء ولاحظت هي ذلك أيضاً ..ليس صحيحاً يا سميره ليس صحيحاً ولو أنها حضرت كأي مواطنة لإستخراج شهادة جنسيه ..ولقد قمت بما يمليه عليّ الواجب و..هل هي جميلة كما يشاع ..؟ نعم بكل تأكيد .. بل هي فاتنة حقاً ..وأنا إذ أصارحك بهذا أضعك في مكانة أسمي منها .. أنت صديقتي الوحيدة في هذه المدينة يا سميره ومعك لا أحتاج للتكلف والكذب والنفاق ..إنك كصديقة أجمل وأغلي لأن الصداقة تعني أن تعطي ولا تأخذ بينما الحب هو في الواقع أخذ وعطاء ..إنه علاقة تقوم علي المصلحة المتبادلة إن كان علي صعيد الجسد أو الروح ..هي غريزة تتطلب الإشباع المستمر أما الصداقة فشيء آخر لأنها إشباع روحي ..قالت لي أنت علي حق .. ولكن حالة الجوع الروحي أو ما يعرف ..بال(spritiual hunger)..تكون أحياناً أقسي من الجوع الغريزي ..عموماً أنا أعتز بصداقتك وستكون منذ اليوم مستودع أسراري ومتكأ جراحاتي ..لقد كنت أتوسم فيك هذا قبل اليوم ولكنني كنت خائفة من أن تكون كالآخرين لا ينظر لأي إمرأة قادمه ..جاهلة أو عالمة إلا من خلال شكلها الخارجي وربما سُمانة قدمها ..ضحكت وأنا استمع إلي هذا التعبير لأول مره ..هل هنالك يا أستاذه شيء إسمه سمانة القدم .. اين هو أرجوك ..أظن الغرائز المتاصلة فيكم معشر بنو آدم قد عاودتك ..وضحكنا ونحن نقف لإنهاء تلك اللحيظات الرائعات ..أستاذه سميره ..يا كنزي الأوحد .. متي ألقاك ؟!
*******
نادراً ما تمر الساعات الأولي من صباح كل يوم بالنسبة لأي ضابط شرطة بصورة هادئة ومريحه ..إذ أن الصباح يعني بالنسبة لنا إفتضاح أمور وأمور تتم تحت جنح الظلام والليل في المدينة هو ميدان تنازع الأمور الشريرة والضمائر الحيه ..وغالباً ما يهيء الليل للغرائز وروح التآمر والعدوانية المناخ الصالح لتتحول النوايا إلي واقع ..لذلك تحدث جرائم القتل في الليل وتقع جرائم السرقات والسلب والنهب والإغتصاب ليلاً ..ثم يشرق الصباح فتفصح الأشياء عن نفسها في سفور مريع ..وقد أسعدني في ذلك الصباح البعيد خلو يومية الحوادث من بلاغات ذات بال ..لذلك أوصيت علي فنجان من القهوة وأنا أرفع التمام لجناب المقدم أزهري بمعنويات عاليه ..وفجأة يدخل عليّ شاب في الثلاثينيات من العمر وبصحبته فتاة قالت لي عيناها أنت تعرفني ولا ريب ومن ثمّ سلما وجلسا في تأدب واضح ..إبتدر الشاب حديثه بإعتذار وحياء ينم عن طيب محتد وثقافة عالية ..عرج علي الوظيفة العامة ومردودها الضعيف وعلي طبيعة عمل الشرطة ومسؤولياتها الجسيمة وأوضح لي أنه قد عاد من المهجر قبل أيام ليجد إبنة شقيقته وهي تعيش مشكلة كبيرة تم التعامل معها بواسطتي أنا شخصياً بحسن نية بأكثر مما ينبغي وأضاف فيما يشبه الإعتذار بانه وقبل أن يقابلني قد كوّن فكرة سيئة للغاية عني من خلال المعالجة التي تمت وإغفالها لجوانب قانونية وإنسانية وإجتماعية ذات آثار خطيرة علي المدي البعيد ..إلا أنه وبعد رؤيته لي تغيرت تلك النظرة وتحولت إلي تقدير عميق ..ودخلنا في التفاصيل ليعيدني إلي قصة الصبية التي حملت سفاحاً وتركت الطفل أمام منزل ذلك الرجل الذي وجده بعد عودته من صلاة الفجر ..ولم تشأ أن تفصح عن الفاعل واكتفت بالقول بانه إبن السيد الكبير ..وكانت وجهة نظري في معالجة القضيه هو مراعاة الستر للضحية طالما توافرت لها ظروف رعاية طفلها في كنف تلك الأسرة الكريمة ..بيد أن هذا الشاب نظر إلي الموضوع من زاوية إعادة الإعتبار لتلك الصبيه التي غرر بها وبواسطة مخدمها بما ينافي العرف والدين ..وقد إنعقد لساني من هول المفاجأة عندما أخبرني أن الجاني هو شقيق أمل الذي كان قد حضر معها لإتمام إجراءات طلب الهويه ..إنه مرتضي صاحب الهاتف النقال ..حفيد الشيخ عثمان المكاوي .


 

رد مع اقتباس
قديم 04-29-2012, 05:31 PM   #13


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثانية عشرة
واقترحت عليهما إعطائي فرصة التحدث إليه قبل فتح البلاغ رسمياً في مواجهته لنتعرف علي رده وما يمكن أن تؤول إليه القضية ويبدو أن المفاجآت لن تتوقف في ذلك الصباح إذ إقتحمت علينا المكتب وبدون سابق إنذار الرائعة أمل ومعها شقيقها الأصغر أسامه ..وقد فوجيء كل من بداخل المكتب بطريقته الخاصه ..كانت اللحظة بالنسبة لي مترعة بالفرحة والإرتياح لرؤيتها وكانت بالنسبة لأمل وتلك الصبيه لحظة عناق وسلام بالأحضان ..كانت أمل سعيدة ومتوهجة وظلت تردد ( وين إنت يا آسيا ..معقول تمشي وتسيبيني بدون حتي تودعيني أو علي الأقل تلمحي لي بأنك حتسيبي الشغل ..ده كلام يا آسيا ؟!) ..ثم وفي تراجع واضح إعتذرت بعد أن لاحظت التوتر الذّي يسيطر علي الجميع (يا جماعه أنا آسفه إذا قطعت عليكم حاجه كدا وّلا كده ) ومن ثمّ همت بالإنصراف هنا تدخل قريب آسيا ليقول لها :لا بالعكس إنت جيتي في الوقت المناسب ومن حقك تعرفي ما كنا نحن بصدده ..بدت حائرة وقلقة وفي ذهنها الإختفاء المفاجيء لآسيا من منزلهم لا سيما وقد كان مناط بها الإعتناء بامل دون سواها تغسل لها ملابسها وتنظف لها غرفتها وتصحبها في مشاويرها لدي زيارة صديقاتها ..غير أنني رفضت وبحزم إقحامها في الموضوع وطلبت من السائق توصيلها إلا أنها أخبرتني بأن أسامه هو من أحضرها بعربته الخاصه وهو من سيعيدها.
*******
كان حفلاً باذخاً ذلك الذي دعت له أسرة الوجيه إسماعيل علي شرف عودتها للإستقرار نهائياً ..تنادي له وجهاء المدينة وحرائر الأسر الكبيرة وزميلات الدكتوره ندي ..وانهمك الطباخون في إعداد الطعام في الفناء الخلفي من المنزل ..بينما شغل (بصله ) الأرعن وفيصل بتجهيز الخراف من ذبح وتقطيع ..وهي وظيفة تخصهما دون سواهما في كل مناسبات المدينة ولعل هذا التخصص هو الذي جعلهما قريبين من كل الأسر لا سيما النساء والفتيات وحتي الأطفال ..وما يميزهما أثناء تأدية واجبهما تلك الأهازيج الحلوة التي يهزجان بها ..الشيء الذي يجتذب نحوهما الصبية والصبايا الصغار ..فيشاركانهما مواويلهما الغريبه ..يبدأ فيصل المتفرد بالتأليف ..تأليف أي شيء عفو الخاطر بإطلاق صدر البيت فيقول مثلاً ( الطاحونه ..) فيردعليه بصله ( مالا ياناس ؟) ويجيبه فيصل (كتلت أمونه ) ..فيجيبه بصله ( عاد كيفن عاد ؟) ومن ثم ينتقلان إلي شطرة أخري ( الحبيب ) ..( مالو ياناس ؟ ) ..( جايينا قريب ) ..( عاد كيفن عاد ؟ ) ..وهكذا تتنوع وتتلون الأهازيج والصبية والصبايا يرددون في جانب بصله ..وأحياناً تستوقف تلك الأهازيج بعض أفراد العائلة من السيدات والفتيات فيدخلهن فيصل في الأهزوجة كيفما أتفق كما فعل مع الدكتوره ندي وقد حضرت لتستحثهم إنجاز ما بإيديهم ..فكانت ( الدكتوره ) ..(مالا ياناس ؟) ..( حلوه وأموره ) ..عاد كيفن عاد ؟ الشيء الذي أشاع البهجه والحبور في نفسها فانسحبت بسرعه دون أن تأخذ ما حضرت من أجله ..وانتظم الجميع حول المائدة الفخمه ..الرجال في فناء المنزل الأمامي والنساء في الحديقة الخلفية وقد حرصت زوجة الشيخ البغدادي وكريمتها أمل علي الحضور كذلك حرص الشيخ البغدادي وأبناؤه مرتضي وأسامه ..وكان الموضوع االمطروح للنقاش لدي الرجال هو إنتخابات البرلمان الإتحادي ..وتمحور موضوع السيدات حول الأعشاب الطبيه ..وقد نشطت الدكتوره ندي في تحذيرهن من مغبة الإنسياق لوصفات العطارين دون تريث لما يمثله ذلك من خطورة علي صحتهن ..إثنان فقط جلسا صامتين مهمومين بشئونهما الخاصه ..المقدم أزهري والذي كان يترقب بكل حواسه أن تظهر الدكتوره ندي ولو للحظة عابرة والنقيب طارق وهو يمني نفسه بسماع صوت أمل ولو علي البعد ..هما إذن عاشقان ..نعم عاشقان حتي الثماله ..ويغمرهما شعور طاغ بان موقفهما ميئوس منه ..إذ يتذكر أزهري حيوية وقوة شخصية ندي وأنه لم ينجح حتي الآن في لفت إنتباهها بالرغم من إنخراطه في جمعية أصدقاء المرضي الجديدة التي طالبت بها ندي وزياراته شبه اليومية للمستشفي لأجلها ..أما النقيب طارق فيشعر أنه مكبل بذلك البريق الساحر الذي ينداح من أمل وسيماء الأبهة والفخامة الذي يحيط بها من كل جانب فيشعر وكأنها أكبر من طموحاته ..ومضي حفل العشاء لا يكدره شيء ..آراء متباينة حول الإنتخابات بتباين الإنتماءات الحزبية وصخب وضجيج في الجانب الآخر عندما ساءت الأمور بشكل رهيب بين مني وزوجة الشيخ البغدادي والسبب حقيقة أن والد إسماعيل كان يعمل لدي أسرة البغدادي وفي إطار التفاخر الأسري ومن ملاحظة صغيره قصدت منها والدة أمل المزاح لا أكثر ..كشرت مني عن أنيابها وأنفجرت في ضيفتها بلا هواده ..أيوه أبو إسماعيل كان شغال معاكم ..دي حقيقه ..لكن كان شغال شنو ..ومؤهلاتو شنو ..خريج السوربون ومدير أعمال عثمان المكاوي ..أبوكم الكبير ..الأمي الذي يبصم علي الشيكات ..حولو من تاجر تقليدي في بيع وشراء الإبل إلي مستثمر كبير ..طلمبات وقود ومصانع زيوت وقشارات وبقالات ومقاولات مباني ..هو من صنع هذه الإمبراطورية الإقتصاديه التي تنعمون بخيراتها ومات معدماً وكأننا يا عمّر لا عدنا ولا جينا ..والدة أمل إعتذرت للحضور وطلبت من أمل أن تنادي علي والدها ليعيدهم للمنزل حتي دون أن تشرب كوب الشاي الذي أمامها .


 

رد مع اقتباس
قديم 04-30-2012, 03:30 PM   #14


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثالثة عشرة
شعرت أمل بأسي بالغ وهي تغادر مكتب النقيب طارق ..فقد كانت تود أن تبوح له بما يجيش في خاطرها من ترهات ظلت ترددها بينها وبين نفسها طيلة ليلة البارحه ..كانت تود أن تقول له إنها تفكر به ليل نهار وأنه اضحي شغلها الشاغل ..وأنها ..وأنها ..إلا أن طارق إغتال تلكم المشاعر النبيلة في دواخلها بذلك الإستقبال الفاتر وتلك النظرة العابسة التي إلتقاها بها ..وشعرت أن في وجود آسيا خادمتها السابقة بمكتبه نذير شؤم ولا ريب ..لكم تغيرت آسيا ..أنظروا إليها وهي تجلس مع طارق في ( كنبة) واحدة كتف بكتف ..والأدهي والأمّر أنها كانت تخاطبهما بنبرة جاد’ عندما دخلت عليهما دون إستئذان ..لقد كانت تبدو كسيدة محترمة وبكامل أناقتها ..الساعة المذّهبة وحقيبة اليد الفاخرة وعطرها الفواح ..لكّم تغيرت يا آسيا ..وأمضت أمل الليل بطوله وهي تستعرض تفاصيل تلك المقابلة الكارثية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني ..نعم لقد إغتال طارق لهفتها وأشواقها له بتلك النظرة المريبة وذلك الإنزعاج الواضح وقد تفتقت عنه عيناه ..ينزعج لرؤيتي بعد كل ما أسمعني من لذيذ الكلام ..يا إلهي كم أنا تعيسة وضائعه ..وهكذا أمضت الليل نهبآ للوساوس والظنون .. لقد تسرعت يا أمل في حكمك علي طارق ..فأنت بالنسبة له طالبه مثل كل الطالبات اللواتي تقدمن للحصول علي بطاقة هويه ..ولكنه إعترف لي بما يكنه نحوي من أحاسيس ..لا .. لالا ..هو يتسلي بي ولا شك .. وغدآ ينقل إلي مركز آخر وعالم جديد فينساني وقد تنسيه بنات (حلته) وأهله حتي إسمي ..وفي صباح اليوم التالي شعرت بقشعريرة الحمي والوهن الشديد وقررت عدم التوجه للمدرسه ..بيد أن مرتضي أصّر علي إصطحابها للمستشفي لفحص الملاريا وكذلك كان موقف والدتها ..وتحت ضغطهم وإصرارهم توجهوا بها للمستشفي ولم يكن بها من طبيب سوي الدكتوره ندي وكان يجلس إلي جوارها شقيقها المهندس هشام ..
تلقفتهما ندي لدي باب المكتب وأخذت إليها أمل برفق وحنان وكأنها تريد الإعتذار عن ثورة مني في وجه والدتها قبل أيام ..وكذلك فعل المهندس هشام ..فقد نهض يساعد مرتضي في توصيلها حتي مسرح الكشف ..وبعد دقائق قلائل خرجت عليهما ندي وهي تطمئنهما علي أن الأمر لا يعدو عن كونه إرهاق شديد وعلي كل سوف نقوم بفحص الدم ونري ما يمكن عمله .
مضت بضعة ثوان والصمت الرهيب يخيم علي المكتب ..قرأ المهندس هشام وجه أمل حتي وهي في تلك الحالة من الإعياء وهتف بينه وبين نفسه ( يا إلهي كم هي جميله )..وقرأ مرتضي وجه ندي وهتف بينه وبين نفسه ( يا إلهي كم هي جميله ) وقرأت ندي وجه مرتضي وهتفت بينها وبين نفسها ( يا إلهي كم هو وسيم ) وكذلك فعلت أمل .. إذ قرأت وجه هشام وهتفت بينها وبين نفسها ( يا إلهي كم هو وسيم ) ..وشيئاً فشيئاً إستعادت أمل حيوتها وانهمك الجميع يتبادلون ذكريات الأيام الحلوة التي عاشوها في هذه المدينة المترفة بكل ما هو رائع وأصيل وتأسف هشام وندي علي كل يوم أمضياه بعيدآ عنها ..وقرروا إستعادة تلكم العلاقة الحميمة التي كانت تربط بين الأسرتين علي أيام عثمان المكاوي والمرحوم صالح سالم ..والد الوجيه إسماعيل ..بيد أن الأوقات الحلوة لا تدوم طويلآ إذ سرعان ما استأذن المهندس هشام الإنصراف ليكون بمحطة السكه حديد حال وصول القطار الذي يحمل معدات البناء الخاصة بشركته من خلاطات أسمنت و(سقالات معدنيه ) ومواد بناء إستعدادآ لبناء العنابر الجديدة بالمستشفي إذا ما فاز بالعطاء وكان قد حضر لمكتب ندي بداية للإطلاع علي كراسة المواصفات ..وكذلك فعل مرتضي الذي يتوقع مواد بتروليه بنفس القطار وصممت ندي علي إستبقاء أمل معها ساعة أو ساعتين تحت المراقبه ..ولم يمض وقت طويل حتي دخل عليهما المقدم أزهري والنقيب طارق وقد كانا بصدد زيارة بعض الجنود المصابين في حادثة تبادل إطلاق نار مع عصابات التهريب ..جن جنون طارق عندما علم بمرض أمل وجثا أمام مقعدها وقد تملكته حالة من الرعب الشديد وطفق يلمس جبهتها ويدها وهو يتمتم كالملدوغ ( دي عندها حمي شديده يا دكتوره ..دي عندها ..)..


 

رد مع اقتباس
قديم 04-30-2012, 03:47 PM   #15


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي موت صديق ..قصيدة شعر .



بسم الله الرحمن الرحيم
موت صديق ..قصيدة شعر
عبدالغني خلف الله الربيع

ما أقسي أن ينعي لك الناعي صديق


بل ما أقسي إن عاش


وهو يطوي العهود القديمة


يرمي بها للحريق ..


فلو أنه مات ..


فأنت تشكل ملامحه


الرائعات في القلب


تدثرها بالذكريات ..


ثم تمضي الحياة ..


تعلمنا كيف نرسم


فوق كل فوهة جرح قصيده


وأن نبحث هنالك ما بين الزحام


عن عيون جديده ..


نعانق إنسانها.. نحكي لها


حفنة من الترهات ..


كان وكنا مثل غصنين


تلازما في وجه الرياح الجهنميه


بل كان وكنا ..


مزاج الغناء الجميل في ليلة قمريه


توشوشه أول المساء سعفات النخيل


تأخذه إليها الروابي القصيه ..


هنا وثبت بين صدع القلب


عارية كما ولدتها أمها ..الحقيقه ..


كفي ثرثرة وانتبهي ..


أيتها الأخيلة الرقيقه ..


حتاّم تصبين الماء تحت الركام


وإلام ستنبشين بين بقايا الحطام ..؟


خذي كل ذكري وكل رسالة


وارمي بها للموج يدحرجها للفنار


هرب الظّل من العود


فهو واقف في أتون النهار ..


يطارد الفكر أمانيٍ عقيمة


يسألها عن صديق ..


وطأت قدماه العهود القديمة


فهو يرمي بها للحريق ..


فلو أنه مات ..


فأنت تشكل ملامحه الرائعات


في القلب تدثرها بالذكريات ..

ثم تمضي الحياة ..




 

رد مع اقتباس
قديم 05-01-2012, 04:52 PM   #16


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الرابعة عشرة
كان الجميع قد سلم بتولي عمدة المدينة للمقعد المخصص بالبرلمان لهذه الدائره وظل يتولاه بالتزكية إلي أن وافته المنية قبل شهور ولم يكن العمدة الجديد مسكوناً بالسياسة كسابقه .. فأعلن أنه لن يرشح نفسه للإنتخابات الجديدة الشيء الذي فتح الباب واسعاً أمام من يطمحون في كرسي النيابه ..لذلك أفصح عدد من الأعيان عن رغبتهم في الترشح وكان من ضمن هؤلاء المرشحين الوجيه إسماعيل صالح والد الدكتوره ندي والشيخ البغدادي والد أمل ..وكان وقع الخبر عظيماً علي مرتضي والدكتوره ندي ..فقد توثقت العلاقة بينهما لدرجة بعيدة وأصبح مرتضي وقد أعطته الضوء الأخضر علي إتصال دائم بها إما بالهاتف أو بزياراته المتكررة لها بالمستشفي وأحياناً زيارتهم بالمنزل تحت ذرائع شتي منها إستشارة المهندس هشام فيما يتعلق بخرائط منزله الجديد ..وقد وجد الأخير في هذه الصحبة مدخلاً للرائعة أمل التي ما فتيء يفكر بها ويشتاق إبتساماتها ..وأحياناً يزورهم بالبيت الكبير ..وقد أثار هذا التقارب المفاجيء بين ندي ومرتضي حفيظة المقدم أزهري ..فقد بني هو الآخر الآمال العراض علي ندي بحكم معرفته السابقه مع والدها ..ولكن هاهي الإنتخابات اللعينه تكاد تدق إسفيناً بين العائلتين بالرغم من إنتماء كلا المرشحين لحزب واحد ..وبالرغم من الوساطات المتعمقه ووفود الحزب القادمة من المديرية لإقناع أحدهما بالتنازل فقد أصّر كل منهما علي موقفه ..تساندهما وتقف من خلفهما زوجاتهما لا سيما مني التي نزلت بثقلها في المنافسة إلي جانب زوجها الوجيه إسماعيل تغذيها نفس متهورة وأحقاد قديمه ..
وفي خضم هذا المعترك أرسلت الأستاذة سميره مذكرة للشيخ البغدادي لمقابلتها لمناقشة التراجع الواضح في مستوي أداء إبنته أمل في اللغة الإنجليزية بعد أن كانت تحصل علي أعلي الدرجات لا سيما وإمتحانات الشهادة باتت علي الأبواب ..هرع الرجل اليها وهو لا يكاد يصدق ما قرأه ..لقد كان يراهن علي أمل في دخول الجامعه والتخرج كطبيبه تماماً كالدكتوره ندي إبنة خصمه في الإنتخابات ..دخل عليها وكان قد توقع معلمة وقورة ..أنهكتها المهنه ..ولكن بدلآ من ذلك صافحت عيناه صبية يافعة خالها للوهلة الأولي تلميذة من تلميذات المدرسه ..أفردت له يدها محيية ووجها المتألق يضج بالإشراق ..جلس غير مصدق ما يحدث أمامه ..وناقشته حول مستوي أمل المتدني هذه الأيام وأطلعته علي كراسة الواجبات الخاصة بها ..لقد لاحظ هو أيضاً أن أمل ومنذ أسابيع مضت أضحت ميالة للصمت والشرود ..تلوذ بغرفتها معظم الأوقات ..تنام أو تنصت للموسيقي ..إتفقا علي حصص خصوصية تعطيها سميره لأمل وعندما أبدت إستعدادها لأن تكون الحصص بمنزلهم ..إنزعج الشيخ البغدادي وتعلل بأنه يخاف عليها من التعب وتكبد مشقة الحضور حتي هناك ..واقترح عليها بدلاً من ذلك أن يحضرها لها بنفسه ..إزدادت خفقات قلبه وهو لا يكاد يرتوي من حديثها وإطلالتها المشرقه .


 

رد مع اقتباس
قديم 05-02-2012, 05:33 PM   #17


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الخامسة عشرة
طلب منها أن تقترح عليه مشروعاً يخص المدرسة يقوم بتمويله لهم ..أفهمته أن المشاريع من صميم إختصاص المديرة ولكنها كداعية مهمومة بشئون المرأة ككل ..يزعجها أن لا تمارس التلميذات أي نوع من الرياضة بهذه المدينة الهامسه وهي تخاف عليهن من الترهل وهن في هذه السن المبكرة من حياتهن واقترحت عليه بهذا الصدد بناء صالة (جمنازيم ) وملاعب لكرة السلة والكرة الطائرة ..وافق علي مقترحها ولو أنه كان يفضل بناء فصول يتباهي بها في معركته الإنتخابية ..ولكن النائب المرتقب بات يشعرأن معركته الرئيسية ليست الإنتخابات وإنما الفوز بهذه المعلمة مهما كلفه ذلك من تضحيات ..وهذا ما يفسر تردده المستمر علي المدرسه ..أحيانآ بحجة متابعة سير المباني وأحياناً لإحضار أمل في الأمسيات لتلقي دروسآ خاصة في اللغة الإنجليزيه ..وكانت سميره تتحرك خلفه وأمامه ومن حوله كفراشه ..وإبتسامتها العذبة لا تفارق شفتيها وفي أحايين أخري يجلسان تحت شجيرة الجميزة العملاقة إنتظاراً لإنهاء التمارين والإختبارات بواسطة أمل داخل المكتب ..وشعرت الأستاذه المفجوعة في زواجها الأول أن هذا الرجل بسمته الباذخ وشخصيته القويه وهذه الهدايا التي يغمرها بها في كل مرة والتي بدأت بقنينة عطر صغيره وتطورت إلي مصاغ ذهبية عالية الكلفة وحقائب يد فاخرة وفساتين تدل أختامها علي أنها تدخل المدينة لأول مرة ..شعرت بأنها توشك علي الإنزلاق في عاطفة متهورة لا مستقبل لها ..ولكن لماذا يغرقها بكل هذه الهدايا ؟ لابد أن يقول لها شيئاً ..ولو أن ذياك البريق بعينيه وتلك اللهفة قد قالتا الكثير ..إلي أن حانت اللحظة المناسبه فواجهها بكل سفور عن رغبته في الزواج منها..ضحكت عيناها الواسعتان وازدادتا إتساعاً وأشاحت بوجها حياءاً وخفرااً ..أما هو فقد شعر كما لو أن حملاً ثقيلآ إنزاح عن كاهله وأن الكون يزغرد لأجله .
عكف النقيب طارق علي دراسة ملف الفتاة التي حملت وولدت سفاحاً من مرتضي شقيق أمل وهو يحاول إيجاد مخرج ودّي للقضيه ..وفطن إلي أن فتح بلاغ بهذا الصدد في هذا التوقيت بالذات سيفجر أزمة طاحنة بينه وبين أسرة أمل ..إذ لا شك أن الوجيه إسماعيل سيغتنم هذه الفرصة لتشويه صورة خصمه الشيخ البغدادي ..وكانت المعركة الإنتخابية بينهما قد إحتدمت ..الوجيه إسماعيل العائد من أوروبا بني حملته علي أشياء مثل البيئة والإحياء الثقافي والديمقراطية وحقوق الإنسان والعولمه وبني الشيخ البغدادي حملته علي مشاكل العطش والكهرباء والتعليم وصار ينفق بسخاء علي أحياء المدينة المختلفة ..يتبرع لإكمال هذا المسجد أو ذاك ويعيد تأهيل هذه المدرسة أو تلك ..ودار همس في المدينة علي أن الشيخ البغدادي يشتري الأصوات سراً بملايين الجنيهات ونشطت الأستاذه سميره في أوساط النسوة تدعو له ..الشيء الذي أثار حفيظة صفاء والدة أمل الغائبة تماماً والمغيبة عمّا يجري حولها بسبب التقاليد الراسخة التي أرساها ويرعاها بشده عثمان المكاوي الجد ..الشخصية المعتكفة التي تزداد غموضآ مع الأيام .. لا ..لا يا طارق ليس في هذا الوقت بالذات ..وعليه فقد إستدعي مرتضي لمكتبه ..وعندما واجهه بالقضية إنهار تماماً وطلب من طارق أن يفعل أي شيء في إستطاعته لإحتواء القضية وعرض تعويضاً يربو علي العشرة ملايين من الجنيهات ..وإبنك يا مرتضي ألا تريد أن تضمه إليك أو حتي تراه ..سأتصرف يا طارق فالأسرة التي تحتضنه هم أهل بالنسبة لنا والمرأة هي خالتي تقريبآ ..علي كل أنا لا أستطيع أن أعدك بشيء وسأطرح إقتراحك علي أصحاب الشأن ..بيد أن الشاب الذي حضر مع آسيا رفض هذا المقترح بشده بالرغم من موافقة آسيا عليه وغادر المكتب غاضبآ ليقتحم مكتب المقدم أزهري ويشرح له كل شيء ..وطلب الأخير العريضة ووجه بعرضها علي النيابة لتقرر بشأنها ولعله ولإحساسه بالنفور من مرتضي منذ أن لاحظ ذلكم التقارب المتسارع بينه وبين الدكتورة ندي قد وجد في هذه القضية فرصة لتشويه صورته أمامها أو ربما لطبيعته الرسمية والمتزمتة تجاه التحري قد قرر أن يمضي في القضية دونما أية إعتبارات أخري ..وعندما أخطر مرتضي بقراره هذا جن جنونه وهرع نحو والده ليضع الموضوع بحذافيره أمامه ..ولكن لم تكد تمضي سحابة ذلك النهار حتي وصلت إشاره من المديرية تقضي بوقف الإجراءات وظهور كشف تنقلات عام صادر من رئاسة الشرطه قضي بنقل المقدم أزهري للمباحث المركزية بالخرطوم ..ولعلها الصدفة وحدها هي التي وضعت أزهري في هذا الوضع الذي لا يحسد عليه


 

رد مع اقتباس
قديم 05-03-2012, 05:07 PM   #18


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة السادسة عشرة
..وبرغم هذه الأحداث المؤسفة مضت الحملة الإتخابية وهي تزداد كل يوم إشتعالاً ..وكنت تجد دائماً من يتبرع لإحداث فوضي أثناء الليالي السياسية الخاصة بالوجيه إسماعيل بينما تمضي الأمورسهلة وميسورة أثناء حملات الشيخ البغدادي التي يتم الإعداد لها جيداً وتنحر الذبائح من أجلها ويطعم الحضور ويحتسون الشاي والقهوة وهم يستمعون إلي خطب البغدادي ويستمتعون أكثر ما يستمتعون بخطب الأستاذة سميره التي تتعمد عدم إعادة الثوب إلي رأسها عندما ينزلق منها فتسافر خصلاتها مع النسيم ..فيتجاوب الحضور مع يديها النفاضتين وشعرها المتماوج ..فتخرج الصافرات من البعض وكأنهم يعايشون فلماً غرامياً ..أما بصله وصديقه فيصل فقد إنحازا للوجيه إسماعيل يستقطبون الشباب وجمهور الكرة ..وكانوا يتمنون لو أن الأستاذه سميره في معسكرهم ..بصله قال لفيصل ( يا سلام لو سميره بقت في صفنا )..فيصل قال له ( البت الزي فرصة الروب دي ..بجيب أجل إسماعيل ..عليك الله يا بصله ما بتشبه الممثله بتاعة فلم أمبارح ؟..عليّ الطلاق الخالق الناظر التقول هي ذاته وقعت من علبة الفلم ..) ..بصله قال له( نان هو خلونا نستمخ بالفلم ..ما علول ما جا الشيخ البغدادي وبناتو واتربعوا في اللوج .. الجني المتل إبليس ده رجع الفلم من نصو ..في اللول أنا قلت الفلم قطع وحيواصل ..إلا كان نشوف ليك المناظر ..) ..بصله رد عليه قائلاً ( وانت المزعلك شنو؟ ..السنما حقتم وهم أسياده )..بيد أن قصة البنت آسيا خرجت من الأضابير وتناقلتها مجالس المدينة ..ولم يشأ الوجيه إسماعيل إقحام هذا الموضوع في خطبه ..أولاً لأنه لا يملك الدليل الحاسم ولأن أخلاقه تمنعه من الخوض في مثل هذه الترهات ..شخص واحد تأكد من صحة الرواية ..ذلكم هو الدكتوره ندي بعد أن أخبرها المقدم أزهري بها ورفض فكرة الربط بين نقله وبين تصميمه علي فتح البلاغ ..وكان وقع الخبر عظيماً علي الدكتوره ندي وبرغم الألم الممض الذي شعرت به إلا أنها أحست بأن هذه القضية قد أنقذتها من شخص مثل مرتضي كانت علي وشك القبول به زوجاً وشريكاً لحياتها .
*******
لم يفاجأ النقيب طارق بوصول برقية تفيد بتحرك والد الباشكاتب وإبنته ( الكنينه ) ..وفي الواقع كان ينتظر علي أحرّ من الجمربادرة كهذه ..إذ أن صحة مامون أو كمال وهذا هو إسمه الحقيقي طبعاً ..ظلت تتأرجح بين التحسن والتدهور.. وأكثر ما كان يخشاه طارق أن يفارق الحياة قبل وصول أهله..لذلك كانت سعادته عظيمة بهذا الخبر ، فاتجه فكره لأسرة ذلك الرجل الشهم الذي قبل برعاية طفل آسيا الذي حملت به سفاحآ من مرتضي ..لتستضيف الكنينه ووالدها ..فرح الرجل فرحآ شديداً عندما علم بتفاصيل القصة ..قصة الباشكاتب مامون والذي وضح أنه طبيب بيطري وأن إسمه الحقيقي كمال ..وكذلك فرحت زوجته ولم تكد تمضي ساعة حتي سمع النقيب طارق صوتاً يعلن عن وصول الخروف ..( كرامه وسلامه ) قالها الرجل بأريحية لا تخطؤها العين وكان طارق وقتها قد جلس إلي آسيا التي لا تزال تعمل كخادمة لتكون قريبة من طفلها ..جلس يتفاكر معها للعثور علي مخرج عادل لقضيتها مع مرتضي والبلاغ المفتوح بواسطتها في مواجهته ..وأكثر ما أدهش طارق أنها إعترفت له وهي تبكي بكاءاً مّراً بأنها كانت قد أحبت مرتضي حبآ ملك عليها أقطار نفسها وأنها كان مستعدة لتضحي بأغلي ما لديها في سبيل أن يمنحها ولو لحظة حنان عابره ..( نعم كنت أحبه يا جنابو وأعلم أن ظروفنا الإجتماعيه مختلفة وأنه لا أمل لي في الزواج منه ..وعندما إختلي بي لم أقاوم ..أنا مجرمة وجبانة وهو لا يستحق السجن ..لقد ضغط علّي خالي لأشكوه للعدالة ..أما وقد عاد خالي إلي المهجر ..أرجوك ساعدني حتي أسحب البلاغ ..لا أريد قضية معه ..صدقني لا أريد أن أؤذيه ..لأنني ورغم كل الذي حصل لا أزال أتمني له الخير ولا أريد أن أكون سبباً في سجنه ..) ..ولكن ما ذنب الطفل وما ذنبك أنت ..كان عليه أن يحافظ عليك ..فأنت بمثابة أمانه لدي هذه الأسرة..وكل فتاة مثلك تعمل خادمة مع أي أسرة وتعيش معها هي أيضاً بمثابة أمانه ..


 

رد مع اقتباس
قديم 05-05-2012, 03:42 PM   #19


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة السابعة عشرة
وصل والد الباشكاتب مامون أو الدكتور كمال ومعه إبنته الكنينه ..وعندما ترجلا من القطار لم أتعرف عليهما في باديء الأمر إذ أنني إستبعدت تمامآ أن تكون تلك الفتاة المليحة والفارعة هي الكنينه ..لقد تخيلت صورتها وأنا في طريقي إلي المحطة بأنني سأقابل فتاة من الريف .. منطوية علي نفسها تلملم أطراف ثوبها لتضعها في فمها من شدة الخجل .. فتاة تحمل حقيبة حديدية قديمة ..تتعثر في مشيتها وترد علي والدها بصوت خافت ( نعم يابا ..أيا يابا ) وفاتني أن أتذكر التحول الرهيب الذي حدث في مجتمعاتنا الريفية ..فأنت ستجد طبقاً هوائياً مزروعاً في فناء حوش تم تشييده من المواد المحلية وتدخل أي قطية لتفاجأ بآخر صيحة في دنيا (الموبوليا )..وربما تجد هاتفآ جوالاً يقبع في داخل ( الفترينة )الصقيلة ..وعندما تزور أية قرية ..لا تعلق بالإنجليزبة مع مرافقك من أبناء ( البندر ) علي هذه الفتاة أو تلك ..وتوقع أن تكون طالبة في السنة النهائية بكلية الطب ..نعم لقد تغيرت الأوضاع وتغيرت المفاهيم ..وباتت فتيات الريف هن من يتقدمن الصفوف ..ألم تلاحظ ذلك يا طارق ؟ فكم مرة شكر المذيع هذه الرابطة من طلاب وطالبات منطقة كذا وكذا بالجامعات والمعاهد العليا ..هل رأيت ذلك البريق والألق الذي يلون الوجوه الجميلة ..فيما لو فتشت عن تلك المنطقه في ( الأطلس ) لما عثرت لها علي أثر ..نعم يا صديقي لقد تبدلت الأوضاع كثيرآ ..لذلك عليك أن تصدق أن هذه الأبهه وتلكم النضارة والحيوية ليست سوي الكنينه ..القد الأملود في تناسقه العجيب والهندام المتناسق في هارمونية مذهلة ..والإبتسامة الساحرة ..كل هذا للكنينه ..يااه ..معقول ما أراه أمامي ..؟ أكاد لا أصدق ..نعم أكاد لا أصدق ..
شكرتني بحرارة ونحن في العربة علي ما قمت به تجاههم ونحن في طريقنا لمنزل كمال الذي منعه الإعياء والمرض من إستقبالهما ورجاني أن أفعل نيابة عنه وكنت سأفعل علي أية حال .. لقد زرعت الفرحة في قلوبنا من جديد ..بعد أن يئسنا تماماً من عودة كمال ..كنت في الخامسة من عمري عندما غادرنا كمال وكنت أكثر من غيري تذكرآ له ..وعاشت صورته في ضميري كل هذه السنين لا تفارقها أبداً ..كانت تتحدث بعفوية وبصوت فيه بحة غريبة تأسر السامع وتحتويه بلا تفاصيل ..أما والده فقد إلتزم جانب الصمت والحذر وشعرت أنها بصدد توجيه سؤال تهاب ما يمكن أن تكون عليه الإجابه ..شجعتها علي أن تقول ما عندها ..ترددت برهة وعادت لتقول لي بصوت متهدج ..هل تزوج شقيقي الدكتور كمال ..لا لا ..لم يتزوج ..ساعتها أرسلت تنهيدة عميقة تنم عن الإرتياح ..إذن هذه هي مدينتكم التي سرقت منا شقيقي ..هي لم تسرقه يا ..الكنينه ..أنا إسمي الكنينه ..وهو في الواقع لقب ..فإسمي الحقيقي هو فاطمه ..فاطمه الرشيد ولكن جدتي الله يرحمها كانت تناديني بهذا الإسم مذ كنت طفلة وهكذا صار الجميع يناديني بالكنينه ..هذه الكلمة تعني الغالية أليس كذلك ..لا لا ..بل تعني المحرّزه ..أو المخبأه ..من الفعل يكّن ..تقول العرب تكن له الحب ويكن لها العداء ..وهل قالت العرب ذلك ..؟ طبعآ ..لا بد أن إحدي حكيمات العرب من أفتت بذلك ..هل يوجد مغفل يبادل الحب بالعداء ؟ كثيرون جداً وللأسف الشديد ..المرأة هي ريحانة الحياة وقيثارتها والرجل هو من يصنع الحروب والعداوات ..المرأة هي ..وتركتها تتحدث وأنا لا أفهم ما تقول إذ كنت مشغولاً بإختزان كل لفتة من لفتاتها وكل خلجة من خلجات وجهها الجميل ..ألم تكن أمل بكافية لتأتي أنت يا الكنينه ..وحتي أخفي إنفعالاتي عنها تواريت خلف مهنتي المفضلة في توجيه الأسئلة أحاصرها بها من جميع الجهات ..وهل أنت طالبه ؟ ..وكان هذا هو آخر سؤال ..نعم وفي ثانيه تربيه وعلم نفس ..وسأدعوك أنت وكمال لحضور حفل التخرج ..إن شاء الله ..إن شاء الله .


 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2012, 03:43 PM   #20


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثامنة عشرة
كان موقفاً إنسانياُ يجسد عظمة المشاعر والعواطف بين الوالد وولده وبين الإبنة وشقيقها .. تعجز كل مفردات اللغة عن تصويره ..أخذ حاج الرشيد إبنه كمال بين أحضانه وضم إليه جسده المتعب جراء الحمي وقد أخذ يردد ..الحمدلله ..الحمد لله يا ولدي ..وماهي إلا ثوان حتي تهدج الصوت الفخيم وسالت دموعه تبلل لحيته الكثه ..أما الكنينه فقد إحتضنت شقيقها ووالدها معاً وهي تبكي وتردد..((كمال أخوي ..كمال ود أمي ))..لم أستطع تحمل هذا الموقف فغادرت الغرفة وتركتهم لوحدهم وبعد أن هدأت الخواطر قليلاً ..جاء دور العتاب واللوم ..عتاب ملؤه المحبة والحنان ..ولم يجد كمال غير عبارة ( إرادة ربنا يا بوي ..إرادة ربنا يا الكنينه ..) يلوذ بها وأحيانآ يهمهم ..( الحمدلله أنا كويس ) ولم يفته بالطبع السؤال عن أمه الحبيبه ..و(ناس ) الحله فرداً فرداً ..بإستثناء إبنة عمه ( سهام ) ..ولكن الكنينه تبرعت بإبلاغه ما حدث لها عندما علمت بنبأ البرقية التي أفصحت عنه وعن مكان تواجده ..( أسكت ساكت يا كمال ..كان شفت سهام بعد ما سمعت الخبر ..عاد نان ما بقت في حاله رهيبه ..دخلت في ( كوما ) لامن رشوها بالكلونيا ..زوجها ..؟ زوجها ده منو ؟ ما طلقتو بعد خمسه شهور بس من الدخله ..يعني لو صبرت شويه يا كمال ..) كل شيء قسمه ونصيب ..( نعم ..ما قلنا حاجه ..ولسه إن شا الله القسمه تسوق ..) ..إييه يا الكنينه ..بعد ما فات الفوات ..لا ما فات فوات ولا يحزنون ..سهام سدت كل الأبواب قدام أجعص الناس وأكيد منتظراك يا كمال أنا فاهماها كويس ولغاية ما قمنا كانت بتوصينى أسلم عليك ..دي بسلم عليك وهي بتبكي ..صدقني يا دكتور إنت ظلمتها وظلمتنا كلنا بسفرك من البلد ) .. أما حاج الرشيد فقد إستمسك بمسبحته يذكر الله في سره ويحمده بعد أن رد عليه إبنه الوحيد ولم ينس أن يسجد شكرآ للمولي ..الحاج الرشيد طراز عجيب من الرجال .ناس الحله يلقبونه (باللدر ) ومعناها الأسد ..لا يتم أي أمر في البلد إلا إذا كان اللدر في مقدمة من يتصدون له ..التي تخاصم زوجها وتغادر لمنزل والدها هو من يعيدها لبيتها ..وكان مشهوراً بعبارة ( ما تغلط يا زول ) أو( ما تغلطي يا زوله ) ..والذي يتشاجر مع آخر في السوق هو من يوقفه عند حده ..ينتهره بصوته الفخيم ويقول له والشرر يتطاير من عينيه ( ما تغلط يا زول ) ..هو جوهرة كل المحافل ..وسيد كل المجالس .. ( زوق وفهم و رسميات ) .


 

رد مع اقتباس
قديم 05-08-2012, 03:16 PM   #21


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة التاسعة عشرة
لم أضيع وقتاً في ذلك اليوم ذي الخصوصية النادرة .. فقد طرقت أبواب البيت الكبير بحثاً عن مرتضي ..وكم كانت المفاجأة غالية ومفرحة ..إذ كانت أمل هي من تلقفتني لدي باب الحديقة ولعلها كانت علي وشك الخروج لأخذ دروسها في اللغة الإنجليزية مع الأستاذة سميره ومعها والدها وعندما طلبت منهما إخطار مرتضي لمقابلتي ..شعر والدها بما يمكن أن تنطوي عليه هذه الزيارة من أهمية فطلب من أمل الإتصال هاتفيآ بالأستاذه سميره والإعتذارلها..ركضت كطفلة صغيرة وزركشاتها تصنع دوائر من البهجة والتوهج وأنا أتابع ركضها بطرف خفي ..آآه ..كم هي رائعة وقاسية ..أسبوعاً بحاله ولا تتصل بي منذ أن إلتقيتها صدفة بمكتب الدكتوره ندي ..أعجب لهولاء الفتيات الجميلات .. كيف يتجملن بالصبر أمام تباريح الأشواق والفقد لمن أحببن ..هذا إذا كانت تحبك فعلاً يا طارق ..هل سمعتها تقول أو حتي تلمح بشيء كهذا ؟! ..لا ..لا لم تقل ..ماذا قلت يا حضرة النقيب ؟ ..هل تريد أن تقول شيئآ ..؟!..أقول شيئآ ..أنا أقول شيئاً ؟ ..ليتني أستطيع.
أصابني ما يشبه الدوار وأمل تدلف بي إلي بهو وتخرج إلي بهو آخر ..يبدو أن بالبيت الكبير عشرات الغرف والصالات ..وهنا أو هناك بثت الأرائك الفخمة ذات الطابع ( الفكتوري ) ..هذه الأثاثات تعود لجدي .. أمل وقد توقفت لتشرح لي بعض الأشياء ..لقد منحه الإنجليز لقب( سير) بيد أنه اعتذر عن قبوله وكانت له فلسفته الخاصة في هذا الصدد ..كانت تثب أمامي كمهرة عنيدة تهزأ بحواجز السباق والمتسابقين ..تختزل الدرج المؤدي إلي الطابق الأول ثلاثة درجات دفعة واحده فلا نملك أنا ووالدها غير اللهث من خلفها ..كان والدها سعيدآ إذ علم أن زيارتي لهم بغرض الوصول إلي حل ودي للمشكلة التي أوقعهم بها إبنه الأكبر مرتضي في الوقت الذي إحتدمت فيه المعركة الإنتخابيه ..ولا أدري ما المقصود من هذا التوغل الرهيب في دهاليز البيت الكبير ..ومن عجب أن أمل هي من تقود خطانا ..ولكم تساءلت بيني وبين نفسي لماذا كل هذا الثراء وهذه الصالات والغرف الفخمة وعدد أفراد أسرة البغدادي لا يزيد عن سبعة أشخاص تقريبآ ..فهنالك الجد الكبير عثمان المكاوي وإبنه البغدادي وزوجته صفاء وابنتها أمل..ثم إبنها أسامه ..وذاك الحشد من العاملين ..طهاة وعمال نظافة وسايس للخيول وعدد من السائقين وآخرين بلا أعباء ..
إنتابني شعور عميق بالصدمة والتوتر عندما علمت من البغدادي بأننا سنقابل الجد الأكبر المعتزل للناس والمجتمع منذ عشرين عاماً ..وأن مرتضي سيلحق بنا حالآ ..تصورت أنني سأقابل شخصاً هرماً محنطاً ..عتيقاً ..قابع في زاوية مظلمة تحف به تماثيل غريبة وجلود حيوانات وبنادق أثرية وتنبعث منه روائح لزجه ..لكن خوفي تبدد عندما تقدمنا والد أمل ليستأذنه الدخول لنا وله ..وبعد إنتظار قاس تجمدت فيه عروقنا ويبست حلوقنا دخلنا وأمل تتقدمنا ..وكم كانت دهشتي عظيمة عندما نهض الجد من كرسيه الدوار خلف المنضدة العتيقة وقد أفرد كلتا يديه يصافحني وإبتسامة رصينة تلون وجهه النظيف ..وليس ببعيد عنه تناثرت الكتب والمعاجم والمجلات الأجنبية وكان ثمة راديو بحجم ثلاجة متوسطة الحجم قد أخذ موقعه قرب السرير الخشبي الوحيد ..رحب بي وسألني عن ضباط عظام في سلك الشرطة والإدارة ..قال لي أنه زاملهم في كلية غردون التذكارية ..وتحدثنا في التاريخ والأدب والسياسة ..حدثني عن نشأة الشرطة وكيف أنها كانت والجهاز الأداري وحدة واحده إذ يتخرج الضابط الإداري وضابط الشرطة والدبلوماسي من كلية واحده وكان الرجل بحق موسوعة في كل شيء ..بهرتني ثقافته الواسعة وتأثيره الرهيب علي أمل ووالدها ..وجلسنا جميعآ كتلاميذ نجباء نستمع إليه ..ولم ينقذنا من هذا الموقف سوي حضور مرتضي الذي دلف إلي الداخل وهو يرتجف من الخوف والرهبة ..لم يكترث له الجد في باديء الأمر وواصل تجواله في الأيام الماضية وعلاقاته مع الإنجليز.. مستر كذا ومسز كذا وأنا لا أكاد أفهم ما يجري حولي ..وكنت كلما أرهق من متابعة صوته الخفيض الهاديء النبرات ألوذ بعيون أمل ووسامتها الطاغية فأرتاح ..ولاحظت أنها الوحيدة التي تعلق وتشارك جدّها في الحوار دون أي إحساس بالتردد ..وأخيراً طلب مني أن أقدم لهم تصوري لحل مشكلة مرتضي مع الفتاة التي حملت منه سفاحآ ..شكرني بقوة وأمّن علي كل طلباتي وسلمني المبلغ كاملآ ..عشرة ملايين من الجنيهات عداً نقداً ..وعندما تساءل البغدادي عن مصير الطفل وكيف تكون العلاقة بينه وبين مرتضي ..صرخ في وجهه بصورة أطارت صوابه وصوابنا نحن كذلك .. وظل يردد ( لا دخل له به ..لا دخل له به ..مفهوم ؟ ) .
******


 

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2012, 03:00 PM   #22


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي بطاقة عشق ل (سراييفو )..قصيدة شعر



بسم الله الرحمن الرحيم
بطاقة حب ل ( سراييفو )
Love Card for Sarajevo

By: Abdul Ghani Khalaf Allah Al rabie (Sudan)

الكاتب : عبدالغنى خلف الله الربيع
Translated by: El Sir Khidir (Sudan)
ترجمة : الأستاذ السر خضر
ترحل الغيوم والعصافير وزخات المطر
غير آبهة للخطر ..
ترحل الدواخل حزنآ وعشقآ لعينيك وتغفو
وهي تحلم بالسفر ..
ضفة شربت من نداوة الصباح
وأخري تضمد فيك الجراح
تقبّل وجهك المحتضر
Clouds, birds and drops of rain depart
Daringly in the face of danger
And sadly our inner being moves to your eyes in love,
Sleeping and dreaming of travelling.
A river bank is wet from the morning dew,
And another dresses your wounds
Kissing your dying face.
سألتك لا تموتي يا سراييفو
هل تموت الأماني تموت المشاعر ؟!
هل تموت المعاني بكل الخواطر ؟!
أيتها الجميلة الجميلة الجميله..
ظامئة أنت وطرفك حائر
متعبة أنت وجرحك غائر ..
فمن آتيك عبر الحصار ؟
لأمنع عنك ذّل السؤال
أراك سئمت حديث الكبار وثرثرة المترفين

I’ve asked you die not, Sarajevo!
Do wishes and tender feelings die?
Do meanings die in all our notions?
O pretty beyond words!
Thirsty you are with eyes perplexed
Consumed you’re with deep wounds,
But, how can I come to you through the blockade,
To forbid you from the humiliation of begging?
I can behold you fed up with elder’s talk
And the prattle of the opulent people.
سراييفو .. سربرنتسا .. قوراشده
نواح يمزق ليل السكون ..
أظنني لم أفهم الكلمة الأخيره
لعلها لحظة الطلق التي تعقب المخاض
عند الظهيره ..


Sarajevo, Srebrenitsa, Gorashda,
A woe tearing apart the silenced- bound night.
I think I’ve not understood the last words,
Maybe they are the painful moments of labor
At noon.


سراييفو ..كلما نحتاجه أنا وأنت ..
قارب عند ساعة السحر
نجوس خلال المياه الزرق
لا نملّ السفر ..
أيا طفلة تستحم تحت ضوء القمر
تلون سرابيلها الأغنيات
ويغسل أحزانها المطر ..
Sarajevo, all that we need, you and I,
Is a boat at dawn
Roaming on the blue water,
Without being bored of travelling.
O child, bathing in twilight,
In clothes colored by songs,
And whose sadness is washed away by rain.

فإني مذ عشقتك لم أعد أفهم
كنه هذا الغرام ..
ولم أتذوق بعد رحيق الهيام ..


I’m no longer capable of understanding thoroughly
The essence of your love,
Nor even have tasted your infatuation nectar.

سراييفو ..
ممّل هذا الشريط إذ ينداح
عبر عناوين نشرة المساء ..
فماذا نقول عن الذي
يصوب مدفعه نحو طفلة
ثم يمشي فوق جثتها مشية الخيلاء ؟
ماذا نقول عن الذي
يغتصب السيدة الوقورة
يذبح في عيونها الرجاء ؟
بل ماذا نقول عن الذي
يرقب مأساتك فيكتفي بالكلام
أو يجهش حتي بالكاء ؟


Sarajevo!
How dull
The spreading headlines of this evening news
What can we say about
He who points his cannon towards a child,
Then proudly walks over its body?
What can we say about
He who rapes a vulnerable dignified lady,
Slaughtering hope in her eyes?
Rather, what can we say about
He who watches your catastrophe
Satisfied only with talking?
Or even being on the point of weeping?

سرايفو ..
لك الله وقرآنه والساجدون بكل صلاه ..
لك النيل وشطآنه والفاصلة المنتقاة ..
لك العمر يا برتقالة الكون يا رائعه
متي ألتقيك ؟ ألملم عن ثغرك الحلو
قسوة الفاجعه ..
فلا أنت تشبهين الحزن ولا حواريك القديمه
تحدثنا عن زمان تليد
تناوشته رياح الهزيمه
عن سر الثرثرات والوشوشات العقيمه
وعن روعة الصمت
في بهو الحضارات والرسالات العظيمه .


Sarajevo!
May the Lord be with you, and His Quran
And those kneeling in prayer,
The Nile, its banks and the chosen rhyming word.
O wonderful orange of the universe,
Yours is all of our lifetime.
When will we meet?
Gathering from your sweet mouth
The severity of tragedy?
You don’t look like your old sadness,
Nor your alleys would tell us about an ancient time
Snatched away by the wind of defeat,
About the secret of prattling and whisperings
And the splendor in silence
In the chambers of the great civilizations
and the divine messages
Khartoum, 1993


 

رد مع اقتباس
قديم 05-10-2012, 05:57 PM   #23


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة العشرون
أعلنت المقاصة الخاصة ببناء العنابر الجديدة بالمستشفي وكان المهندس هاشم متأكداً بأنه سيفوز بها ..إذ أنه بات الأجدر بكل عطاء للبناء بعد تلك الآليات الضخمة التي استوردها من الخارج ..وكم كانت المفاجأة قاسية ومدمرة بالنسبة له ..إذ فاز بالعطاء مكتب الشيخ البغدادي للمقاولات ..وكانت مناسبة للحرب الباردة المستعرة أصلآ بين الأسرتين ..فتصدت مني زوجة الوجيه إسماعيل للقضية بشراستها المعهوده ونأت صفاء والدة أمل بنفسها عن هذا المعترك ..
لقد ضاع كل شيء يا أبي ..ضاع كل شيء ..فماذا أنا فاعل بكل هذه الآليات والخرائط التي أعددتها لإنجاز هذا المشروع برؤي إنسانية بحتة ، بعيداً عن حسابات الربح والخساره ..سوف تبني وتشيد يا باشمهندس حتي تسأم البناء والتشييد .. وسوف تري .
ولكن يبدو أن الوجيه إسماعيل موعود بهزائم كثيره ..فهاهي نتيجة الإنتخابات تعلن ويفوز الشيخ البغدادي بالدائرة ..وسارت مواكب الفرح والإبتهاج تمشط أنحاء المدينه ..وجلس هو وزوجته والدكتوره ندي وإبنه المهندس هشام في فناء المنزل وقد تناهت أصداء المسيرات إلي أسماعهم ( نائبكم مين ..؟ البغدادي .. الدائره لمين ..للبغدادي ..) .
وكانت ردة فعله قوية وفوريه ..فقد نشر إعلاناً في الصحف وعلي صفحة كاملة يعلن فيه إنسلاخه من الحزب الذي يضمه والبغدادي ويعلن إنضمامه للحزب المنافس ..وقرر أن يدير معركته الإنتخابية القادمة ومنذ اليوم ..علي أسس علمية سليمة ..فهو يملك الأموال الطائلة بكل العملات الحرة في العالم ..إذ كان يدير عدداً من الشركات المملوكة له ،وتنطلق إستثماراته الضخمة من فرانكفوت لتغطي أوروبا والخليج والشرق الأقصي ..وعندما سئم العيش بعيداً عن الوطن وسئم الإغتراب ،قام بتصفية تلك الشركات وحول أرصدتها إلي حساب خاص بإحدي البنوك السويسرية ..
لم يصدق حزبه الجديد النبأ في باديء الأمر ..فهو معروف للجميع بعلاقاته العريضة مع مؤسسات التمويل العالمية ووقع الخبر علي حزبه وقوع الصاعقة وهم الذين يعرفون من هو الوجيه إسماعيل وكيف يفكر وكان منطقهم في الإنحياز للبغدادي أنه راسخ القدم في المنطقه يعرفها قرية قرية ويحظي بإحترام الجميع ..
وهكذا إنتهت أيام الأفراح وحانت ساعة العمل ..وجاءته الفرصة علي طبق من ذهب ..إذ تعطل المولد الكهربائي العملاق ماركة (الرولزرويس ..)..وصبر الناس أياماً واسابيع يعانون من شدة العطش وتظاهروا أمام البلدية مطالبين بشراء قطع الغيار..ولكن كيف ومم ؟..وهرع البغدادي لإجتماع عاجل حضره مجلس الأعيان وكان الوجيه إسماعيل حاضرآ يراقب الموقف ..وتلي المهندس المختص قائمة بقطع الغيار المطلوبة وكلفتها بالعملة الحرة وكانت تقارب المائة ألف دولار ..فسرت همهمات هنا وهناك ..مائة ألف دولار ؟..نكتب للخرطوم ..نكتب للخرطوم ونموت عطشاً حتي تتكرم الخرطوم بالرد ؟ ..أحد الأعيان وقد صاح مغاضباً ..وهنا نهض الوجيه إسماعيل وطلب إذناً بالحديث ..ساد القاعة صمت رهيب ..وتوقع أنصاره أن يشن حملة ضارية علي الحكومة والبلدية متهماً إياهما بالتقصير..بيد أنه وبدلاً عن ذلك تحدث بصوت هاديء النبرات والتمس العذر للحكومة وقال يجب علينا أن نحل مشاكلنا بأنفسنا وهو إذ يغتنم هذه السانحه يحي الدور المقدر الذي ظلت تلعبة إدارة الكهرباء ..ويتبرع بمبلغ مائة ألف دولار هي كلفة الصيانة وزاد علي ذلك بان إلتزم بشحنها من إنجلترا جوآ علي نفقته الخاصة ..ولم تمض بضعة أيام حتي وصلت قطع الغيار وتمت صيانة المولد وعادت المدينة لتنعم بالكهرباء ..وكانت صفعة قوية تلقاها البغدادي وهو يخطو أولي خطواته في البرلمان .

******


 

رد مع اقتباس
قديم 05-19-2012, 03:31 PM   #24


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الواحدة والعشرون-ومعذرة للتوقف بسبب وعكه صحية خفيفه
إنها المرة العشرون التي تدور فيها حول منزل ( نوال الشامية ) يا إسماعيل ..ماذا تنوي فعله بالضبط ..السيدة نوال تعيش في هذا المنزل الواسع الذي يقوم علي مساحة ربما تزيدعلي ثلاثة أفدنة لوحدها ..وما يميّز هذا المنزل أنه يقع في مواجهة البيت الكبير شرقآ لا يفصله منه سوي شارع الإسفلت ..وكانت تعيش فيه ثلاث أسر ..نوال وزوجها وأبناؤها الثلاثة وإثنان من أشقائها ومعهم زوجاتهم وأطفالهم .. ولدت نوال وكبرت وتزوجت فيه ..أنجبت أولادها الثلاثة هنا ..توفي زوجها هنا ..عاش شقيقاها وتزوجا ومن ثّم أنجبا أطفالهما هنا ..بيد أنهم رحلوا وتركوها مع خادمتها وذكرياتهم ..هنا أصداء ضحكاتهم ..هنا تاريخها وجذورها ..نعم ..لقد رحلوا وتركوها وحدها ..أولادها في بلاد المهجر ..الكبير بأمريكا والثاني بكندا والأصغر بالخليج ..الشقيق الأكبر إستقر بالخرطوم والآخر سافر إلي بيروت ..كانوا جميعآ يكونون أسرة كبيرة تمارس تجارة الأقمشه في دكاناتهم الثلاث في قلب السوق الكبير ..وبرغم كونها أجنبية كما تقول السجلات الرسمية إلا أنها تشعر بإنتماء حقيقي لهذه البلدة ..وعندما ألحّ عليها أولادها أن تأتي لتعيش معهم رفضت بعناد ..لكنها تشعر الآن بالوهن والتعب ..كانت في الماضي تجلس طوال اليوم أمام منولها تنسج الصوف ..ومع تقدمها في السن ووصول تحويلات الأولاد ..هجرت مهنتها وتفرغت للأنشطة النسوية مع الأستاذه سميره ..ولقد حاول البغدادي بشتي السبل أن يغريها ببيع منزلها ..أحيانآ بالترغيب وأحايين كثيرة بالترهيب ..إن كان عبر لجان الحي أو الصعاليك وإن كان عبر ملاحقتها بإجراءات الهجره ..لكنها صمدت وقاومت ضغوط البغدادي .

ماذا تنوي عمله يا إسماعيل ..سأشتري هذا المنزل مهما يكلفني من مال ..وسأبني فوق أنقاضه ( فيلا) فخمة .. لا بل قصراً منيفاً ..وسأشتري الدكانات الثلاث وأبني فوق أنقاضها كافتريا حديثه ..راقية ..وليس مثل كافتيريات البغدادي ..وعندما يكتمل البناء سأجعل من (البيت الكبير) أثراً من آثار الماضي البعيد ..هكذا إذن ..ألا زلت تغتنم الفرص لتعويض سقوطك المريع في الإنتخابات ..؟ وهل ستقبل السيده نوال ؟ سنري يا صديقي ..سنري ..ولكنها وافقت بمجرد أن (فاتحها ) في الموضوع ..لكأنها تنتظر منه خطوة كهذه ..أنت تستأهل وأكثر ..وكنت أفضل الموت علي أن يؤول منزل العائلة وإرثها للبغدادي ..إنك يا سيد إسماعيل صديق حميم للأسرة ووالدك الله يرحمه هو من أتي بوالدي لهذا البلد وهو من فتح له الآفاق الرحبة ..ولكن يتعين عليك أخذ موافقة أشقائي .. أما أبنائي فلا تشغل بالك بهم ..سأفعل يا سيدتي ..سأفعل ..ولن أنسي لك هذا الصنيع ما حييت ..
إييه يا نوال مضت أزمنة الأيام الحلوة..أيام الوالد والولد والأشقاء وحانت أوقات الترحال من بلد إلي بلد ..شهراً بأمريكا وأسابيع بكندا وأخري بالخليج ..وستدورين كالساقية من مطار إلي مطار ..ومن دار إلي دار ..كيف تضحّين بذكرياتك وصداقاتك وهواء هذه البلدة التي أنجبتك ..لقد تعبت من العيش هنا وحدي يا إبني ولا بد لي أن ألحق بأهلي ..أنت لست وحدك يا نوال والجميع هنا بمثابة أهلك ..لكنني أشتاق أولادي ..أشتاقهم بشده ..يا إلهي كم أشتاقهم ..!!
لم يكد يصل إسماعيل منزله حتي إجتمع إلي إبنه المهندس هاشم ليطلعه علي مشروعه الجديد ..جن جنونه من شدة الفرح ..أخيراً ستدور الماكينات التي أحضرها معه من خارج السودان ..أريد إبداعاً حقيقياً يا باشمهندس ..لا أريد عمارة تقليدية ..يجب أن يكون قصرآ مدهشآ ولا تنظر إلي التكلفة وسنبدأ بالكافتيريا ..ولا أريد لأحد أن يعلم شيئاً عن موضوع بيت نوال الشامية ولا حتي والدتك وندي ..لم يتبق إلا السفر إلي الخرطوم وبيروت لتكملة إجراءات البيع والتوثيق .
( صباح الخير ..أي خدمه ؟ ) ..إرتبك إسماعيل إرتباكاً عظيماً وهو يطالع وجهها ..عينان لوزيتان وتقاسيم مرمرية وفم بلون الكرز ..في الواقع أود يا آنسه ..سابينا ..إسمي سابينا ..في الواقع أريدك أن تنجزي لي عددآ من الحجوزات لكل من بيروت وزيورخ وجنيفا علي متن ال ( سويس اير )وفي أقرب فرصة ممكنه ..علي الرحب والسعة يا سيد ..إسماعيل ..إسمي إسماعيل ..أعطني الجواز وتستطيع أن تعتمد علي مهارتي في الحجز ..فأنا أعمل هنا منذ سنه تقريباً ..لوحدك ..تعملين لوحدك .(.نو نو ) ..يساعدني في العمل إبن صاحب الوكاله وقد ذهب إلي البنك وسيعود بعد قليل ..ولكن لهجتك تقول بأنك لست سودانيه ..هذا صحيح فأنا نصف إثيوبية ونصف إرترية وأعيش مع والدتي بعد أن غادرنا بلدنا هربآ من جحيم المعارك ..آمل ألآ يكون أحد أفراد أسرتك قد أصيب ..كلهم أصيبوا والدي وشقيقي وشقيقتي جميعهم لقوا مصرعهم في الجبهه ..ولم يتبق لي سوي الماما ..لذلك تسللنا خلسة للسودان
.. أنا آسف جداً يا سابينا ما كان لي أن أذكرك بتلك الأحداث ..لقد حدثت وانتهي الأمر ..فقدنا دارنا ومقعدي بالجامعه بكلية الطب في أديس ..فقدنا كل شيء واستبقينا ذكرياتنا واحزاننا ..وها نحن نبدأ من الصفر أنا ووالدتي ..وهل يكفي المرتب الذي تتقاضينه لتوفير أشياء مثل السكن و..نحن نعيش تقريباً علي الكفاف ..ولكن الأمور تسير علي كل حال ..أنا ممتن لك يا سابينا لأنك تفتحين لي قلبك ..نعم ..نعم ..لا أدري يا سيد ..يا سيد ..إسماعيل ..عفواً الأسماء العربيه تربكني ..ولكن يجب أن أبوح لك بسر ..في شخص سيادتكم الكثير من ملامح شقيقي المرحوم المقدم طيار برهانو ..لكأنك هو .. يا إلهي من يصدق هذا ..لو رأتك أمي ..
لو رأتك أمي ..وهنا خنقتها العبرات وسال الدمع مدراراً علي صفحة وجهها اللامع كبرتقالة مبلله .
******


 

رد مع اقتباس
قديم 05-21-2012, 07:07 PM   #25


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثانية والعشرون
كان الشيخ البغدادي يعيش في حالة يرثي لها بالخرطوم وهو يحضر جلسات البرلمان ..كان غائباً تمامآ عن مجريات النقاش الدائر هناك يفكر في الأستاذة سميره ..إنه يحب بجنون ..وهل يعقل هذا يا حضرة النائب الهمام ؟ وأين قضايا المواطنين ..مشكلات الإمداد الكهربائي والمائي وقد أنقذك منها الوجيه إسماعيل ..مائة ألف دولار يدفعها هذا الدعيّ ويحرجني أمام الناخبين ..والآن أطلت برأسها جملة من المشاكل ..إنتشر داء السعر بل..وهنالك حمي مجهولة تجتاح الناس ..إفعل شيئآ بدلآ من الإسترسال في الوهم وطيف سميره الذي يحاصرك أينما اتجهت ..هل أنت مراهق ؟ ..إنك نائب في البرلمان يا هذا ..ولكنني أيضآ إنسان ..وهكذا قرر أن يطير قافلآ للمدينة بحجة الوقوف علي أبعاد تلك الحمي والبحث عن علاج ناجع لها مع وزارة الصحة الإتحادية قبل أن يستقدم إسماعيل فريقآ من هيئة الصحة العالمية علي نفقته الخاصة ..حمي مجهولة ؟..وماذا عن حمي سميره التي تصهره حتي العظم ..ألا من علاج لها ؟..علاجها واحد وهو الزواج ..وماذا لو علمت زوجتي صفاء ؟ كيف أواجه أمل ومرتضي وأسامة أولادي ..إنها توحشني بضحكتها الآسرة وجسدها المرمري المتماوج ..وأناقتها الباذخه ..لماذا لا تتأنق صفاء كما تفعل سميرة في كل مرة قابلتها فيها .. لماذا تركن إلي أنها زوجة فقط وأم أولاد ..لا تظلم صفاء يا بغدادي ..ذاك الخصر المفقود خصر سميرة ضعه علي المحك ..تزوجها ولتنجب لك أولاداً ..لن تعثر له علي أثر ..إن الفتاة قبل الزواج تحدد زمن المعركة ومكانها ونوع الأسلحة التي تستخدمها لتصرعك بها ..أما وقد تزوجت ..فغالبآ ما تكون المعركة متكافئة بينكما ..فالمكان واحد والزمان حالة مستمرة والأسلحة قد صدأت ..وسقطت كل الأقنعة ..وقتها ستندم يا بغدادي.. ستخسر صفاء ولن تجتهد سميره في إسعادك وقد ضمنتك زوجآ لها ..وستبدأ مشاوير الطلبات المستعجلة والمؤجلة وستختفي سميره التي تقتلك في اليوم الواحد ألف مرة وتحييك ..ستختفي بضحكتها الآسرة وخصرها المفقود وجسدها المتماوج كثعبان ..ولكنني أعرف أزواجآ كثيرين من أصدقائي يعيشون في سعادة أبدية ..إنهم يتظاهرون أمامك فقط ..وعندما تتركهم تدور معارك أهون منها معارك التحرير في (هانوي )..هل تريد أن تقنعني بعدم جدوي الزواج ..؟ لا يا صديقي الزواج رباط مقدس ..وسيهديك عاطفة هادئة قوامها الإلفة والمودة ..فلا تراهن علي هذه العاطفة المشبوبة والأشواق المدمّرة التي تشغلك عن واجباتك كنائب أودعك الناخبون ثقتهم ..لو علموا كم أحبها وأشتاق إليها لعذروني والتمسوا لي الأعذار ..أنت لست نابليون وهي ليست (هيلانة ) ..إنها فتاة من عامة الشعب ..لكنها أنيقة ومترفه ومثقفه ..وسأسافر غداً لأراها ..علي الأقل أقوم بإفتتاح صالة الألعاب التي تبرعت بها لمدرسة البنات ..لقد قالت لي إنها تؤخر كل شيء حتي عودتي ..آه يا سميره ليتني أسمع صوتك الآن ..صوتك يأخذني إلي عوالم من السحر غريبة ..ولماذا لا تهدي لها هاتفآ جوالاً فتضمن سماع صوتها متي ما شئت ..نعم ..نعم كيف فات عليّ ذلك .
فرحت فرحاً شديداً بهديته وشرح لها كيفية إستعماله وكانا لوحدهما ..قال لها آمل ألاّ تتخلى عني يا سميره ..لقد صرت واحدة من أهم محاور حياتي ..لن أتخلي عنك ولن يفصلني منك سوي الموت ..هل هذا وعد يا سميره ..نعم هذا وعد ..ووعد الحر دين عليه ..وبالمقابل إنتابت صفاء وأولادها حالة من الحيرة والشرود عندما أخبرهم مرتضي بأن والدهم قد طلب منه التوجه لمدرسة البنات مباشرة من المطار وأن يعود له بعد ساعة من الزمن ..ماذا يدور في خلدك يا بغدادي ؟ صفاء وهي تحدث نفسها ..شخص واحد يعلم ما يجري من أحداث ويجد التفسير المناسب لها ..ذلك لأنها قد عايشت نذر العاصفة التي تزلزل البغدادي ..إنها الرائعة أبداً ..أمل .

ا


 

رد مع اقتباس
قديم 05-23-2012, 03:34 PM   #26


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الثالثة والعشرون
أنا أتزوج ؟ ..لا لا يا جنابو ..شوف فيصل ..بصله وقد فاجأته الفكره ..أنا ممكن أتزوج في حاله واحده بس..إذا قبلت آسيا بتجديد القسيمه سنويآ ..يعني زي رخصة السواقه ..والجواز وكده ..عشان لو قالت كاني ماني أديها كرت أحمر ..لكن زواج ومصاقره يوماتي ..سوري لأنا يا آسيا ..وعلي العكس من بصله تقبل فيصل الفكرة بإهتمام شديد ..وبدا كالغريق الذي ألقي إليه بطوق النجاه ..آسيا بت حلوه ومهذبه ..لكن حتقبل بواحد زي حضرتنا لا بيت لا عربيه ..ولا أصل ولا فصل ..المهم إنك تقتنع بفكرة تأسيس أسره وتسيب الفوضي الإنت عايش فيها دي يا فيصل وسأبذل قصاري جهدي في إقناعها لتقبلك ..إنت إنسان كويس ..بس إتوكل علي الله وعمل الخير ربنا بتمو .
فيصل الطباخ ؟..آسيا وقد صرخت في ذعر واضح ..مالو فيصل الطباخ ..ما راجل فاهم ومفتح وكل زول بحترمو في البلد دي ..وأوعك تقولي كلام تندمي عليهو بعدين ..أها قلت شنو ..( صمت ..) ..السكات رضاء يا إبني طارق ..أستاذ عبدالسلام الذي تبني وزوجته الطفل ( غضنفر ) .. الذي حبلت به سفاحآ آسيا من مرتضي البغدادي ..والد الغضنفر تلميذي في المدرسة الإبتدائية ..مرتضي كان من التلاميذ المعروفين بالمكر والخداع والإنتهازية وحب التملك ..ويبدو أن السيد البغدادي قد أسرف في تدليله وهو ما يزال طفلآ غريرآ ..والراي عندي ألاّ تفرط الأسرة في إسباغ الحنان علي أطفالها وأن تكون التربية متوازنة فيها شيء من القسوة والإنضباط ..الأستاذ إسماعيل وقد عاودته هموم التربية والتوجيه التي تخطاها بفعل التقاعد ..كثيرآ ما حذرت والده من تصرفاته الغريبة والعجيبة ..كان ذكيآ مافي ذلك شك بيد أنه كان يوظف ذكاءه في الإيقاع بين التلاميذ مع بعضهم البعض وبين التلاميذ والأساتذة ..كان بارعآ في إختلاق الأكاذيب والتمثيل .. يتظاهر بالبكاء فتنساب دموع التماسيح من عينيه بلا توقف ..ويتظاهر بالمرض فيضعنا جميعآ علي حافة الإنهيار ..وما أن تأتي عربتهم لأخذه حتي يصحو ويضحك بصوت عال يختلط مع صوت إنزلاق الإطارات المندفعة بقوه ..والآن يا غضنفر ..ليتك تأخذ من جدك عثمان المكاوي أكثر مما تأخذ من مرتضي .. كان طفلآ وسيمآ رائعآ ..شعر مجعد وعينان براقتان تنمان عن الذكاء ويدان سالفتان لا تكفان عن الحركة وسلوكيات ملوكية في كل شيء ..قالت لي الحاجه آمنه زوجة الأستاذ عبدالسلام ..هذا الطفل سيكون له شأن كبير في المستقبل ..تصور إنه لا يبكي كالأطفال عندما يجوع وعندما نقدم له الحليب يتذوقه قبل أن يبدأ في شربه وإذا حدث وإن تغير طعمه يرفضه في إباء وشمم ..دائم التأمل ..سريع ردات الفعل لأقل صوت ..يعطيك الإحساس بإنه متأهب وحاضر وينصت جيدآ لما تقول ولا يبدو أنه في عامه الأول ..وتصرفات أخري لا أسطيع أن أحصيها ..
0لم ترض آسيا عن الأوصاف التي سمعتها من حاجه آمنه عن طفلها الغضنفر ..أخذته من حجرها وهمت بالمغادره ..قلت لها مداعبآ أها يا عروس ..نجيب الماذون ..ضحكت عيناها الصافيتان وهي تغادر يلفها الحياء والفرح .
******


 

رد مع اقتباس
قديم 05-28-2012, 04:15 PM   #27


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الرابعة والعشرون
جلست تحت شجرة المانجو العملاقة بمنزل الدكتور كمال أتجاذب أطراف الحديث مع الكنينه ريثما يفرغ من جمع حاجياته فقد تبقي علي موعد مغادرة القطار حوالي ساعتين ..قلت لها فيما يشبه الإعتذار ..أنا آسف جدآ يا فاطمه ..فقد شغلتني قضايا كثيرة عن التفرغ لكم في هذه الزيارة القصيرة ..وحتي يوم الجمعة أمضيناه في رحلة صيد تحت ضغط من بعض الأخوة الذين يعلمون جيدآ كم أنا مولع بالصيد ..والآن أمامي مهرة عنيدة تستعصي علي سهامي ويشقيني أنها علي وشك الإفلات مني ..وأظنني مضطر لملاحقتها في عقر دارها ..خاصة عندما يتزوج شقيقها الفتاة المستوعبة سهام ..ضحكت من أعماقها وقالت لي إطمئن ..تلك المهرة العنيدة تكاد تقول خذوني ولا قدرة لديها علي الهرب من صائد ماهر مثلك ..أما أنا فقد وجدت موضوعآ لبحث التخرج في مادة علم النفس ..وتيقن أنني سأدرس الهدف بعناية مكثفة وسأسبر أغواره بلا هوادة ..وإذا ما وجدت دواخله تتطابق ومظهره الطيب تأكد أنني سآخذه عنوة ولن أدع طفلة لاهية كأمل الشيخ البغدادي تنتزعه مني ..وهل عرفت يا الكنينه من تكون أمل بالنسبة لي ولم يمض علي قدومك إلينا سوي أيام ..؟ مدينتكم يا سيدي كتاب مفتوح ..وبإمكان الزائر لها قراءته وفهمه خلال ساعات ..هذا يا فاطمه يضيّق عليّ هامش المناوره ..وسأستدعي كل براعتي وخبراتي المتواضعة لوضع القيد علي الرسغ ..ولماذا كل هذا العناء ..؟ الضحية علي حافة البحيرة تشرب من مائها العذب ..كلما يتطلبه الموقف ..وثبة قوية لا تدمر البيئة ولا تمزق الملامح ..وثبة بحساب المواقف لا الربح والخسارة ومغريات الأبهة والفخامه ..تحرر يا جنابو من ذلك الشعور بالخوف والإرتباك ..وافرد جناحك من جديد ..نسرآ عملاقآ مع( تعاظم نفرة وجماح ..) ..وساكمل يا الكنينة بعد إذنك ..نهار الأمس فارقني الحبيب وراح.. وبإسم التضحيات الزائفات مضي وخلفني لوهج الشمس والأشباح ..ضحكت وهي تعيدني لأول القصيدة ..لا بل قل علي ليلي يطول أساك منتعلآ وسامة قلبك الشاعر ..مطرودآ أمام الريح محتملآ جراحات الهوي الخاسر ..وممدودآ علي سجادة التاريخ مائدة لكل حزين ..وهل سيطول أساي يا فاطمه ؟..هذا طبعآ يتوقف علي مدي إستعدادك لتقصير ذلك المدي الذي تنعطف نحوه ..وظللنا علي هذه الحال ..ندور وندور حول أشياء وأشياء نود لو نفصح عنها ..يمنعنا من الدخول فيها مباشرة رغبتنا المشتركة في أن يأخذ كل واحد منا ما يحتاجه من وقت في التفكير بالأمر وأن لا نتسرع في إطلاق الوعود حتي لا نندم كلانا أو أحدنا ..وحانت لحظات أتعستني ومزقت ضميري ..لحظات تحرك القطار ..متمهلآ ..وبلا إستعجال ..متمهلآ يطلق الصافرة تلو الصافرة ..وأيدي المسافرين والمودعين تتشابك والمناديل ترفرف كحمامات بيضاء ..متمهلآ يتماوج كثعبان وعلي صفحة خده تتوافد الأرقام وعبارة (يعود للورشة بعطبره ) تصفعك في قسوة .. حتي القطارات موعودة بالعودة إلايّ ..متمهلآ وأنا لم أرتو بعد من حديث الكنينة وبحة صوتها الغريبة


 

رد مع اقتباس
قديم 06-02-2012, 01:01 PM   #28


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الرابعة والعشرون
عاد الوجيه إسماعيل من رحلته وهو يحمل موافقة ناظم شقيق نوال الشامية علي بيع منزلهم والدكانات الثلاثه..وسارت الأمور كما يشتهي ..قام بسداد المبلغ المتفق عليه واستكمل إجراءت التسجيل ..وتم كل ذلك في سرية تامة ولم يطلع حتي زوجته مني والدكتوره ندي بما أنجز ..شخص واحد كان يتابع ويدقق في البيانات ..ذلكم هو المهندس هشام ..ومن ثمّ قفل راجعآ ليرتاح فوق شواطيء سابينا ..قال لها ..كم واحد قبلي إعترف لك بأنك جميلة ورائعة بل ومخيفه ..كثيرون قالوا لي أنت جميلة ورائعة ولكنني أريد أن أسمعها منك أنت بالذات ..أما أني مخيفة فهذا ما لم يقله لي أحد .. سبح في بحر عينيها وعاد بذاكرته إلي أخريات إلتقاهن في أسفاره الكثيرة متجولآ بين العواصم الأوربية ..ولكنه حتمآ لن ينسي (هايدي ) .. نمساوية من فيينا تدرس الجيلوجيا بجامعة برلين .. ساحرة وفوضوية ..ولكنها متقلبة المزاج ..أحيانآ تصفو كمياه (توتيل في عز الصيف )..وأحايين أخري تثور وتغلي كمياه القاش ..قالت لك إنها يجب أن تسافر إلي فيينا لتعود صديقتها التي ترقد بالمستشفي هنالك تعاني من مرض عضال وأنها تود رؤيتها قبل أن تموت .. وكنت توعدها بتدبير قيمة تذكرة الطائره ثم تخلف وعدك ..لعلك كنت تخشي أن تفقدها وإلي الأبد ..حتي كان ما كان في تلك الساعة المتأخرة من الليل عندما وضعت مسدسها في صدعك وقالت لك إما أن تعطيني ألف مارك الآن وفورآ أو أقتلك ثم انتحر ..وحينما سلمتها المبلغ بكت وقالت لك بين دموعها وتنهداتها ..لم أكن أتصور بأنني وضيعة لهذا الحد ..وطلبت منك أن تغفر لها صنيعها ..وأنها ما كانت لتضعك في هذا الموقف لولا أنها تحب صديقتها ولا تريدها أن تفارق هذه الحياة وهي ناقمة عليها وسوف تجتهد لتعيد لك هذا المبلغ ..ومن ثمّ لملمت أشياءها وغادرت برلين بقطار الرابعة صباحا ..ها ..أين سرحت يا سيد إسماعيل ..سرحت في بهو عينيك يا سابينا .. أنا أيضآ أفكر في وضعي حين تسافر ..كانت أيام غيابك في بيروت وجنيفا مؤلمة جدآ..لقد خلتها سنين طويلة .. ولكن لماذا تشبه برهانو لهذا الحد ..لو رأتك أمي لأخذتك بالأحضان وبكت ..كانت تحب برهانو أكثر من أي فرد فينا .. سآخذك لتعيشي معنا في مدينتنا الصغيرة تلك إن كان لا يضايقك العيش في الريف ..لقد ولدت وترعرعت في الريف ..كنت ارعي الأغنام فوق سفوح الجبال أثناء العطلات الدراسية وأجمع حطب الحريق ..كنا نعمل بجد واجتهاد وفي المساء نغني ونرقص تحت ضوء القمر وكنت أنا من يقرع الطبل .. ولم نذهب لأديس إلا بعد ترقية أبي لوكيل بريد ..ثم دخلت كلية الطب بجامعة أديس واشتغلت أختي بالتمريض والتحق شقيقي بسلاح الجو ..لقد حدث ما حدث ..إن هذا الشبه بينك وبين برهانو يقتلني ولن أدعك ترحل ..هل تعدني بأنك لن تتخلي عنا يا سيد إسماعيل ..أعدك يا سابينا أعدك يا نغمآ حالم .. يا لحنآ يذّهب أحزان العالم ..سابينا أطياف الليل زنابق تلثم خصلاتك ..كفتاة زنجيه تدفق نداوه ..تحمل أزهارآ بريه ..قطفوها تجار البن من إثيوبيا ..من سفح الجبل النائم يسترخي في حريه ..همسوا ..سابيينا ..هو ذاك الاسم ..تمتمت به في إشفاق ..معناه أرويني أكثر ..معناه إني مشتاق لو أنسي لو تتركني الأشواق حتمآ لن أشقي يا سابينا ..وهنالك في عرض البحر من بين الموج المنكسر ..لمحت صورة حوريه ..نادتني عبرت في دهشة نفسي وذهولي كل خيالي حتي أضحت بين يديا ..هي أنت .. أنت يا سابينا ..في سحر ذكرني سحرك ..في عطر بعض من عطرك ..في إيماءة وعد نديان ..في فرح منطلق جذلان ..في ماذا ألف ألف مما كان ..أعرفه وحدي تعرفه سابينا ..قرأ عليها هذه المحاولة الشعرية والتي كتبها وهوجالس هنالك قرب بحيرة جنيف ..وقال لها لقد قرأت لك هذه الأبيات المكتوبة علي عجل لتعلمي كم كنت أفكر بك واشتاقك يا سابينا ..فرحت فرحآ شديدآ ..وكانت عيناها الواسعتان تزدادان إتساعآ كلما ورد إسمها أثناء الإلقاء ..وعندما أنهي قراءته طلبت منه أن يشرح لها ماكتب بالإنجليزية ففعل ..ندت عنها صرخة طروبة وهي تردد ( أوو ..إتس وندرفل .. إتس ريالي وندرفل ) .
******


 

رد مع اقتباس
قديم 06-02-2012, 01:29 PM   #29


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي لعينيك أغنيتي قبل الأخيرة ..قصيدة شعر



لعينيك ..أغنيتي قبل الأخيرة .. قصيدة شعر
عبدالغني خلف الله الربيع
وترفلين في أسداف غيمة بعيده
تعانقين زرقة السماء تارة
وتارة عصفورة شروده ..
يزركش الصباح خطوك الأنيق روعة
فتولد القصيده ..
من أي منحني يجيؤني الغناء
حزمة من الشجون والأسي ؟
من أي جدول تصفق المياه
في نداوة المدي ؟
من أي وجهة ينداح ذلك العبير
يزحم الرؤي سدي ..سدي ؟
وتسأل أيها الحزن
وتقذف في وجهيّ الأجوبه
عن الذي يزرع في أعماقنا
الشجون المرعبه ..
وجه من كبد الحنين ومضه
فاتر وغريب ..
شفق يشرب من شواطيء الصحو
لونه الساحر العجيب
واحمرار لطيف شال دمه
من اقحوانة الغروب ..
نعلم أنه لا فسحة من الوقت
نطفيء فيها ظمأ القلب
سرمديّ هو العذاب
وعذاب هو الحب ..
نعلم أن حلم الإياب
وهم يلفه ضباب الضباب
مركب يسحب خلفه كرة
من الرمل ..طائر يضرب صفحة السحاب ..
حين يندلق الخاطر مثقلآ بالأنين
يأخذ البوح لونه من زخارف الجنون ..
إذ ربما تأتين ..إذ ربما أتيت
إذ ربما نأتي وتذهبين ..
آه من نغم مزقته الأعاصير
في صحاري الظنون
آه لو أنك لا تعلمين ..
إذن لطوينا المني
في غياهب السنين ..
تتواري كلماتي خلف طيفك
إذ تهلين ..عالمآ من الجمال والحزن واليقين
كيف أقسو عليك وأنت في حياتي
روعة وفتون ..
نادمتني عيناك مرة واحدة
فأسلمتني للجوي والجنون ..
علمتني كيف تنساب الأناشيد
من دائرة الزهو إلي عالم من جمال
أسكرتني الترانيم الشجيات
وشوشتها الريح للندي والظلال ..
وتوارت خلف سديم من الوجد
بعيد المنال ..
لا نغني حين نغني للمدي
يسخر من أحلامنا
يصلبنا في غابة المجال ..
لا نغني حين نغني للرؤي التي
غسلتها المني بدموع المحال ..
نتغشاك زمانآ يأبي علينا
في تخوم من الدهشة والانبهار
ونناجيك ..نناجيك
يحمل الحب عنا
صادح بالهوي والجمال .


 

رد مع اقتباس
قديم 06-07-2012, 02:33 PM   #30


عبدالغني خلف الله الربيع غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8916
 تاريخ التسجيل :  Apr 2012
 أخر زيارة : 08-01-2014 (08:21 PM)
 المشاركات : 365 [ + ]
 التقييم :  25
لوني المفضل : Brown
افتراضي



الحلقة الخامسة والعشرون
متمهلاً يقترب القطار من المحطة ..متمهلاً جداً تطقطق أضلعه وهو يرسل الصافرة تلو الصافره ..وقرأ كمال جغرافية المنطقة التي يحفظها عن ظهر قلب ..( الحدب ) الواسع وشجيرات (التمام ) خلف قضيب السكة حديد ..وجنينة عباس التركاوي ومنحني النيل عند الجانب الجنوبي من الحله ..النخلات العشر في ساقية التهامي وقد تقلصت إلي سبعة نخلات ..والمئذنة العتيقة تراوح مكانها بين أشجار الدليب وقد شحب دهانها قليلاً ..الدرب (التحتاني ) الذي يصل المحطة بكمائن الطوب ..لم يتغير شيء يا كمال سوي قليل من العمران ..بيوتات أسمنتية بناها في غيابك المغتربون وثمة (هانقر ) ضخم من الزنك والأسمنت ..أخذ موقعه في طرف البلدة ..ده يا كمال ما مخزن الإغاثه ..وهل وصلت الإغاثة حتي هنا ؟ ..أيوه ما جونا ناس كتار قبل خمسه سنين من أقاليم تانيه بسبب الحرب والجفاف .. وأخيراً دلف القطار إلي المحطه ..يا إلهي ياكمال( شوف الخلق الراجياك ..أبوي الرشيد عاين )..سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ..سبحان الله وبحمده سبحان أكملها الرشيد في سره وهو يهتز من شدة البكاء ..والكنينه تقرأ وجوه المستقبلين ..(ووب عليّ ووب عليّ ديك ما أمي ..كمال شوف أمي شوف يا )..العبرات تسد الحلق والكلام تحول إلي نزف ودموع ..(حمدإلا علي السلامه ..حمدإلا علي السلامه) يا الكنينه ..يا حاج الرشيد ..(أوروروك..أوروروك )..الله أكبر ..الله أكبر .. أنت تستحق هذا وأكثر يا كمال ..تستحق كل هذه الجموع الغفيره وهذا التدافع الرهيب وأنت صامت كمقبرة وقد ألجمتك الأحضان والقبلات تبذلها في سخاء العمات والخالات ..وأمك .. يا لجسدها النحيل وهو ينداح بين ذراعيك ونشيجها الخافت والهمهمات ..كنت دائماً تقف مع الناس تشاركهم همومهم وأحزانهم ..وكثيراً ما تشكل لوحدك عالمآ من التكافل والتعاون ..لن تجد أناساً وقد شرعوا في بناء ( راكوبه ) إلا وكمال في وسطهم ..نفير الجروف وعزق الجداول و( السرابات) وجمع المحصول فهل من نخلة تقاوم وثباتك الرهيبه ..إذ لن تمضي لحظات إلا وأنت تحتضن سبائطها ..نادي الكرة ..أنت من أسس الفريق ومن لعب له ومن قاد حملة التبرعات لبناء داره ومن تبوأ منصب السكرتير والرئيس ..فصول التقوية ..من سواك درّس المناهج للطلبة والطالبات .. من سواك يا كمال ..وحفلات الزفاف والسيره ..أين كمال من (الصفقه والرقصه والشبال) ..وإعادة الفتيات لدورهن علي ضوء (الرتاين )..البنات الرائعات ..! كنت دائماً في قلب الحدث تدون ( الخته ) في الكراريس الملونة وتجمع الحساب بعد أن تكون أغلقت علبة الحلوي التي ضاقت رغم سعتها علي الجنيهات الكثيرة ..من سواك يرسل التلغراف يوم (الدافنه ) ويحفظ العناوين في البندر والمهجر ..من سواك يا كمال ؟ لهذا أحبك الناس هنا ..تألموا لفقدك وفرحوا بعودتك ..فهل ستفعلها مرة أخري وترحل ؟!!.
******


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مكتبة د/ طلال دفع الله عبدالعزيز طلال دفع الله «۩۞۩-قسم المكتبات والتوثيق -۩۞۩» 45 10-09-2013 07:41 PM
مكتبة الأستاذ/ الرشيد حبيب الله التوم نمر الرشيد حبيب الله «۩۞۩-قسم المكتبات والتوثيق -۩۞۩» 79 09-16-2013 09:00 AM
مرحبا بعبدالغني خلف الله الربيع صديق قوزالرهيد «۩۞۩-المنتدي الاجتماعى-۩۞۩» 9 04-13-2012 05:29 AM
عمر عبدالغني اهلاً وسهلاً بك ابوعمر «۩۞۩-المنتدي الاجتماعى-۩۞۩» 2 10-04-2011 11:40 AM
مكتبة حبيب الله التوم نمر للإنجليزيه و ترجمتها.. الرشيد حبيب الله «۩۞۩-قسم المكتبات والتوثيق -۩۞۩» 29 12-24-2010 05:32 PM


الساعة الآن 06:00 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009