الكهرباء قبل الطائرات؟؟؟؟؟؟

الكهرباء قبل الطائرات ... بقلم: كمال الهدي
الثلاثاء, 07 يوليو 2009 21:48
· ضحكت بالأمس وأنا اتابع حفل تدشين طائرة سودانية بمصنع الصافات لصناعة الطائرات.
· نعم ضحكت في سخرية بائنة رغم أنني لست من النوع الذي يستمتع بالسخرية على بلده، بل يغضبني حقيقة كل فعل يسئ لنا كسودانيين وأتمنى دائماً أن نكون في أفضل حال.
· لكن بالأمس انطبق علينا قولنا المأثور " شر البلية ما يضحك".
· وربما أن ما قادني للضحك وأنا أشاهد طائرة سودانية تحلق في الأجواء لأول مرة ، هو الضحك على الدقون الذي يمارسه ساستنا على هذا الشعب المغلوب على أمره.
· فنحن نعيش في بلد تقطع فيه الكهرباء حتى يومنا هذا ويعاني معظم سكان عاصمته من شح مياه الشرب ويشكو بعضهم من الروائح الكريهة لهذه المياه، فكيف لنا أن نطلق طائرة في الأجواء!
· نحن ننتمي لبلد يتضور الكثير من أطفال مدارسه جوعاً ويقضون يومهم الدراسي كاملاً دون أن يمضغوا ولو بعض خبز جاف لأن ذويهم لا يستطيعون توفير " حق الفطور" ، فكيف لنا أن نحدث الآخرين عن مصنع للطائرات!
· نحن من نفر تخلوا عن مساعدة الضعيف، ليس لتراجع في قيم الشهامة والكرم ، بل لأن جلهم صاروا يعانون من ضيق ذات اليد، فكيف نحتفل باطلاق طائرة سودانية.
· نحن نعيش في بلد ما يزال الناس فيه يشكون مر الشكوى من تفاصيل بسيطة تخطاها الأخرون حتى في أفقر بلدان العالم منذ زمن بعيد، فأنى لنا أن نغني ونرقص طرباً بافتتاح مصنع الطائرات.
· نحن من احترقت بمطارهم طائرة فتأخر إطفاء نيرانها طويلاً بسبب اعتماد أدوات اطفاء متخلفة، ووجدوا صعوبة في حصر أسماء من كانوا بداخلها لأن بعضهم غادروا أرض المطار دون أن يعلم بهم أحد، فكيف لنا أن نتحدث عن صناعة الطائرة دون أن ترمش لنا عين؟
· نحن من سقط بيننا أب وأم ( عليهما رحمة الله ) داخل بئر السايفون فاستغرق انتشال جثتيهما أكثر من أسبوع فكيف نتحدث عن قدرتنا على ارتياد الفضاء؟
· خوفي أن نمضي حتى النهاية على الدرب الذي سارت عليه أنظمة شمولية لم تكترث بمعاناة شعوبها ورغبتهم في الحياة الكريمة فركزت جل جهودها على كل ما يوحي للعالم الخارجي بأن كل شئ يسير حسب الخطة فتقدموا في التسلح وفي التكنولوجيا على حساب أمن وطعام وكساء وصحة مواطنيهم الذين ازدادوا فقراً يوماً بعد يوم.
· أثناء متابعتي لذلك الاحتفال قلت في نفسي يبدو أن الهلال والمريخ يمتثلان لعبارة " هذا الشبل من ذاك الأسد" فقد وجدت العديد من أوجه الشبه بين صناعة الطائرة وما يقوم به الناديان وشعرت بأن المنطلق واحد فالهلال والمريخ يسجلان اللاعبين الأجانب بمبالغ فلكية ويقيمان المعسكرات الخارجية قبل وضع الخطط وتحديد الأساليب الإدارية التي تستهدف تحقيق الفوائد المرجوة من مثل هاتين الخطوتين.
· الهلال الذي يعسكر بمصر حالياً لعب مباراة تجريبية مع فريق أي كلام وهاهي الأخبار تنقل لنا عزم إدارته على خوض لقاء آخر اليوم مع فريق أي كلام أيضاً.
· وقد سبقه غريمه المريخ في التباري مع فرق مغمورة خلال معسكره الأخير بالاسماعيلية.
· لم نسمع عن مباراة ضد الأهلي، الزمالك، الإسماعيلي أو أي من فرق كرة القدم الكبيرة في مصر، رغم أننا نلحق نضفي على هلالنا ألقاباً رنانة مثل (العالمي).
· فأي فريق عالمي بالله عليكم هذا الذي يسافر لبلد ويعسكر بمكان يطرد منه بعد أيام ليبدأ ترتيب الأمور في مكان جديد وبعد أن يجري الكثير من التدريبات يستجدي الفرق لكي تباريه فلا يجد فرصة للعب إلا أمام فرق ضعيفة تستفيد هي منه أكثر مما يستفيد منها.
· ألم يكن من الأفضل أن نخوض مباريات محلية مع فرق الدرجة الممتازة بدلاً عن تكبد المشاق وصرف كل هذه الأموال في معسكر ينتهي بلقائين ضد الانتاج الحربي واتحاد الشرطة!
· ده مش برضو وضع يشبه حكاية تصنيع الطائرات في بلد يقتات بعض أطفاله على ما يلقي به محظوظوه في الزبالة، الله يعزكم!
· الانسان هو أداة التنمية وهو غايتها فكيف لنا أن نقبل عقلاً أن يستطيع شخص جائع منهك مريض يعاني في كل تفاصيل حياته أن يصنع طائرة!
· هي ليست رغبة في تثبيط الهمم، بل هي دعوة لترتيب الأولويات.