روعة ضابطة .......

والنهار يمضي بسره القابض , نهاراً يلهِب شدق البحرِ , ونهاراً يدقدقُ جباه الرجال وهي تتصببُ عرقاً , يــُـغرقُ الأماني اليومية داخله ,, فلا أنتَ تقضي حوائجك فيه ولا يدعُ لك
بالاً تستأنسُ فيه بخيالْ .... نهاراً جاف الصمت ,, أنفاسُ الناسِ فيه علي مقربة من ألسنتها فيدع ( اخلاقهم ) علي كف الشتم حاضرة .... الله علي هذا الوطنْ .....
ويمضي النهارُ إلي اخره ويظهر وجه العصر بعد زوال الشمس كاملة من منتصفها وضجيج السيارات تعجُ به الطرقات وابواقها عارمة الصوت .. وأرجلُ الناسِ نحو بيوتها تزحف .. ارتالاً من جباهٍ ناصعة
القلوب ,, وافواجاً من أصواتٍ صادقة الأرزاق .. ونحنُ من بعضِ كلٍ , نتجاوزُ برزقنا مسافة الصمتْ ,, ونعاندُ الفتورَ الجسدي بامتطاء الطرقات ,,, ندوسُ بحوجتنا المسافات ووعثاء الرحيلْ والغربة ..
في أُكفنا عافية الله لنا ,, وعلي أكتافنا أرزاق الصغار وايتام الأقدارْ ,,, ننهلُ من سعة الأرزاق بدابةٍ محدودة الجلوس والمقاعد ,, دابة علي مقاعدها سعة القسمة لنا ,, منها نقتات كثير العيش والحمد لله
ومثلها كثير يرمي بظل نعم الله علي أصحابها وسائقيها ....
وشمس الله تبدأ بـغـرْب نزول المغيب ونحنُ نتجه من محطة ( الشهداء ) ام درمان باتجاه محطة ( الجرافة ) شمالاً ,, كنا قد إنتصفنا المسافة بينهما بعدِ خور ( شمبات ) مباشرة ’ وكانت هناك تقف دورية
لشرطة المرور ,, بها ثلاثة افراد ضباط صف تقودهم امرأة برتبة ضابط نقيب او ملازم اول وكانت نجومها تحت خمارها علها ,,,,
كانت ضابط يملؤها إحترام الناسِ ,, عليها حشمة النساء بارقة ,, وعليها ثقة الزعامة ... فيها صدق المهنة ,, وعليها سعة العقل ,,, تسمعك حتي تنتهي ,, ونُجيبك حتي تملأك يقينا ,,, ضابطاً تعرف من كلامك
صدقه وتـُثني عليه وتعرف كذبك وتنصحك بغيره ,,, امرأة باذخة الثقة في نفسها ,, تحترم زيها إنتساباً للحق به ,, وتنعي إليك تقصيرك في حقوقك ,,, امرأة تنتحبُ عندها حكاوي القوم المغلفة ْ ,, فلا ترعاك ضعفاً منها
ولا تتولي ببصرها عنك خنوعا ,,, لكنها ملكةً ملتهبة الكاريزما ,,, وغائرة العنفوان ...
وهي علي مقعدها ترعي حق الناس والركاب أيضا فلا تتركك تبكي الظرف وعلي عربتك مواطنين ... ولا تستعجلك بالمخالفة تهديداً .... لكنها تتوسط الأمرين وتختارُ ايسرهما لك طوعا ,,,,
هي صدقاً امرأة من نفيـــــــــــس ......