آخره عتق من النار
"أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار" ها نحن قد قضينا أوله نتضرع إلي الله طالبين الرحمة والعفو ومرت "مغفرة" أوسطه والآن حان موعد آخره. إنه موعدنا مع العتق من النار هكذا وعدنا الله في آخر أيام شهر الغنيمة. ومن منا لا يتمني أن يكون واحدا من هؤلاء العتقاء من النار ليفوز بالجنة ونعيمها الخالد. ولكن علينا أولا أن ندرك حجم الجائزة الكبرى التي نريدها ونعمل ما يبعدنا عن طريق النار ويرسم أولي خطواتنا علي طريق الجنة ليكون الجزاء من جنس العمل.
يوجه الدكتور منصور ساطور عميد كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر سابقا ـ حديثه للطامعين في كرم الله وفضله في هذا الشهر مؤكدا حديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه "آخره عتق من النار" في إشارة إلي الثواب العظيم الذي خصصه الله للعشر الأواخر حيث يختلف فيها كل شيء فالصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن تختلف في الأيام العشرة الأخيرة عن باقي أيام الشهر.
ويقول د. ساطور أن الروحانيات تزداد في هذا الوقت حيث يبتعد المؤمن عن كل أثم ويتقي الله ويحرم نفسه أكثر مما مضي من كل الشهوات التي قد تفسد تواصله الروحاني مع الله ولا تجعله مع العتقاء لهذا العام، ويؤكد أن الاعتكاف لا وقت له فمن الممكن الاعتكاف في أي وقت من العام ولكن في آخر رمضان يكون العبد إلي الله أقرب ويكون قد ابتعد عن "ملهيات" الدنيا منذ بداية شهر رمضان وبالتالي يزداد بداخله الحس الإيماني الذي يجعله منقطعا بنفسه عن كل ما حوله إلا الله وقد يثبته علي طاعة الله بعد انتهاء الشهر الكريم. ويقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان له من الخصوصيات في سنته المطهرة في العشر الأواخر من شهر رمضان ما يجعل المسلمين يجب أن يقتدوا بها لينالوا من فضل هذه الأيام المباركة ففي الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا دخلت هذه الأيام شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله مؤكدا أنه كان يزيد من التقرب لله سبحانه وتعالي للتواصل معه والانقطاع عن زخارف الدنيا متفرغا للذكر والعبادة رغم أنه قد غفر الله سبحانه وتعالي له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لكنه في ذلك كان يوجه أصحابه والمسلمين من بعده لما فيه خيرهم داعيا إياهم لاستثمار هذه الأيام والليالي العطرة في الذكر والتسبيح علها تصادف ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر فيغفر رب العالمين فيها لمن قامها إيمانا واحتسابا. وأضاف عاشور أن هدي النبي صلي الله عليه وسلم يؤكد فضل زيادة الارتباط مع الله سبحانه وتعالي في هذه الأيام التي يحب المؤمن إن يشاركه في خيرها أهله فيوقظهم ليحصلوا علي الخير والبركة فهو بذلك يشع علي من حوله بضياء النور والهداية في توجيه لكل رب أسرة مسلم ليكون قدوة حسنة لأسرته وعائلته. وحول الاعتكاف وفضله قال عاشور "الاعتكاف سنة مؤكدة عن النبي عليه الصلاة والسلام حيث أنه قد حرص عليها وتفرغ للعبادة في المسجد لمزيد من الوصل لله سبحانه وتعالي في ارتباط قوي بالخالق عن طريق الانقطاع عن كل أمور الدنيا التي تلهي" مشيرا الي انه رغم أن الاعتكاف جائز وصحيح طوال العام لكنه في العشر الأواخر من رمضان سنة مؤكدة عنه صلوات الله وسلامه عليه
|