باب ما جاء في الغيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الغيره لابن الجوزي
يروى عن عروة بن الزّبير، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول وهو على المنبر: " لا شيء أغير من الله. " وعن عبد الله بن مسعودٍ أنّه قال: أنّ الله ليغار للمسلم فليغر وعنه، وعن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: " ليس شيءٌ أغير من الله، من أجل ذلك حرّم الفواحش. " وعن كعب بن مالك أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: " الغيرة، غيرتان: فغيرةٌ يحبّها الله، وغيرةٌ يكرهها الله ". قلنا يا رسول الله، ما الغيرة التي يحبّها الله، قال: " أن يغار أن يأتي معاصي الله، وينتهك محارمه ". قلنا وما الغيرة التي يكرهه: قال " أن يغار أحدكم في غير كنهه. " وعن عبد الملك بن عمير بن عبد الله بن بكار أنّه قال: " الغيرة غيرتان: غيرةٌ يصلح بها الرّجل أهله، وغيرةٌ تدخله النّار ".
ويروى: أنّ سارة كانت تحبّ إبراهيم خليل الرّحمن. فمكثت معه دهراً لا ترزق ولداً، فلمّا رأت ذلك وهبت له هاجر، وكانت أمةً لها قبطيّةً، فولدت لإبراهيم إسماعيل، صلّى الله عليهما، فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها، وعتبت على هاجر. فحلفت لتقطعنّ عضواّ من أعضائها فقال لها إبراهيم، صلّى الله على نبينا وعليه: هل لك أن تبري يمينك؟ قالت: كيف أصنع؟ قال: أثقبي أذنيها وخصّفيها. والخصف هو الخياطة. ففعلت ذلك بها، فوضعت في أذني هاجر قرطين فازدادت حسناً. فقالت سارة: إنّي إنّما زدتها جمالاً: فلم تتركه على كونها معه. ووجد بها إبراهيم وجداً شديداً، فنقلها إلى مكّة وكان يزورها في كلّ وقتٍ من الشّام لشغفه بها، وقلّة صبره عنها.
لا تأمن الموت في طرف ولا نفس*** ولـو تـمنعــت بــالحجـاب والحـــرس
وأعـلـم أن ســهــام المــوت نـافـذة*** فــي كــل مـــدرع مــنـــا ومـتـــــرس
|