الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي قال {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ منَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ منَ الأَمَوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ من رَّبهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } والصلاة والسلام علي الذي ورد عنه انه رواية عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال «مَرَّ النبيُ صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ تبكي عندَ قبرٍ فقال: اتَّقي اللهَ واصبري: قالت: إليكَ عنِّي، فإنكَ لم تُصَبْ بُمصيبتي ولم تعرِفه. فقيل لها: إنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فلم تجِدْ عندَهُ بَوّابينَ، فقالت: لم أعرِفْكَ. فقال: إنَّما الصبرُ عندَ الصَّدْمةِ الأولى».
ثم اما بعد
ولقد صدق الذي قال
هو الـموت ما منه ملاذ ومــهرب
متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمــل آمالا ونرجـو ا نتاجهـــا
لعل الرجاء مما نرجـــيهأقرب
ونبني القصور الشامخات في الهوى
وفي علمنا أنا نموتوتخــرب
إلى الله نشــكو قــسوة في قلوبنا
وفي كل يوم واعظالموت ينـدب
الموت
قال تعالي
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ }الملك2
ان الله عز وجل لقد خلق الموت كما خلق الحياة ومنذ ان يكون عمر الانسان اربعون يوما في بطن أمه يكتب حياته و اجله وهو موته قال تعالي {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }الأنبياء35
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران185

فان الله قد قدره الموت لكل مخلوق قال تعالي ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ{26} وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{27})الرحمن

وصف الموت:
هو المخلوق الذي لا يستجيب لرجاء احد ولا يرحم احد ولا يعطف علي احد هو الذي يصرع الجبباره والملوك كما يصرع العبد والضعيف والصغير والكبير من غير رحمة ولا شفقه ولا عجل او تاني قال تعالي فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
وهو الموت الذي لا حيلة لنا عليه ولا نقدر ان نفر منه قال تعالي {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً }الأحزاب16
{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }النساء78
وان اول عقبة من الموت هي السكرة التي الله
تعالي فيها
وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءتْ كُلُّنَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْهَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ )22سورة ق
وهذه هي العقبة التي تكون اول منزل من منازل الاخره وهي اشد العقبات عندما يكون العبد علي فراش الاحتضار واهله من حوله وهي تحيط بالمحتضر من جميع الجهات
فمن جهة تواجهه شدة الأوجاع والآلام وشدة المرض الذي سوف يموت فيه وينعقد لسانه ويشخص بصره وتبردت أواصله وتذهبت القوة من جسمه ولا حيلة له ولا قوه واهله في فزع وهلع يهرولون الي اليمين وذات الشمال قال تعالي فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ{83} وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ{84} وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ{85}
كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ{26} وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ{27} وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ{28} وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ{29} إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ{30}

ومن جهة اُخرى يواجه بكاء أهله وأطفاله وأولاده ونسائه ولا يقدر ان يقول لهم شي
ومن جهة اُخرى يواجه الم مفارقته لدياره وأملاكه وهو في حسره ان كل ذلك لا يتبعه بل يصير لغيره بعدما انقضى الأمروانسدّ طريق الا طريق واحد وهو ومن الجهة أخرى غير التي ينظر اليها وهي السماء التي انفتحت لينزل منها مخلوقات لم يراها من قبل وهي ملائكة الرحمة اوملائكة العذاب حاضرين عنده ليحكموا فيه وانّه يترقببايّ حكم يحكمون عليه وأي شيء سوف يوصون به؟
وعند قدميه ابليس واعوانه جاهدين أن يسلبوا إيمانه ليخرج من الدنيا بلا إيمان
وعلي صدره يري اعماله تعرض عليه وهنا قال تعالي ) فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (
وينزل ملك الموت ومعه اعوانه ليقبضوا الروح ويقف عند راسه وان كان انسان صالح بشر بذلك وفرح بذلك ورد ان رسول الله قال قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكته من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض
واما ان كان خلاف ذلك ويكن في عبس وهم وغم وبشر بذلك قال رسول الله : وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا،وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكته سود الوجوه، معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا،

ورد أنّ أمير المؤمنين رضي الله عنه انه اشتكى من عينيه ، فعاده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌ وآله فإذا
هو يصيح فقال النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآله : أجزعاً أم وجعاً؟ فقال عليه‌السلام : يا رسول الله ما وجعت وجعاً قط أشدّ منه. فقالصلى‌الله ‌عليه‌ وآله : يا علي انّ ملك الموت اذا نزل لقبض روح الكافر نزل معه سفود من نار فينزع روحه به فتصيح جهنم. فاستوى علي عليه‌السلام جالساً فقال : يا رسول الله أعد عليَّ حديثك فقد أنساني وجعي ما قُلت.
ثمّ قال : هل يصيب ذلك أحداً من امتك؟
قال : نعم حاكم جائر ، وآكل مال اليتيم ظلماً ، وشاهد زور
وروي عن النبي صـلى الله عليه وسـلم أنه قال : ( إن العبد الصـالح ليعالج الموت وسكراته، وإن مفاصله ليسـلم بعضها على بعض تقول : السلام عليكي تفارقني وأفارقك إلى يوم القيـامة ).
وقال عيسى اين مريم : يا معشرالحواريين ادعوا الله أن يهون عليكم هذه السكرة، يعني سكرات الموت، وروي :ايضا إن الموت أشد من ضرب بالسيوف ونشـر بالمناشـير وقـرض بالمقـاريض. فإن سكرة الموت وشدتها امرا يصيب كل انسان فان كان الرجل مؤمن فانه يرفع به الدرجات ويكفر بها السيئات كما قد تكون خفيفة على كثير منهم وكلا علي قدر عمله واما التخفيف قد ورد في الحديث أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء،
واما ان كان من الكفار فتكون عليهم شديده امرا لا يعلمه الا الله وحد هو نجد ذلك في الحديث فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلولالسفود شوك غليظ او حديدذات شعب مسننه

وقد ذكرعمرو بن العاص رضي الله عنه، ففي المستدرك: أنه كان عمرو بن العاص يقول عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه فلما نزل به الموت قال له ابنه عبد الله فصف لنا الموت وعقلك معك، فقال يا بني الموت أجل من أن يوصف ولكني سأصف لك منه شيئا أجدني كأن على عنقي جبال رضوىوأجدني كأن في جوفي شوك السلاء وأجدني كأن نفسي تخرج من ثقب إبرة.
وشوك السلاء هو شوك النخل وان هذا الامر الذي ينزل بالمؤمن ولا ينقص من قدره شي بل يرفعه ويخفف عليه يوم القيامة ولا نسي بان هذا الامر نزل برسول الله صلي الله عليه وسلم ونجد ان السيده عائشةكانت تقول في معناه انها لا تكرها لاحد بعد رسول الله فانه كان يقول لا اله الا الله ان لموت سكرات

ونجد و صف الموت قد كحاه لنا بعض الناس وناخذ منهم عمرو بن العاص فلما أصبح في سكراتالموت قال له ابنه عبد الله الزاهد: يا أبتِ صف لي الموت, فإنك أصدقواصف للموت قال: يا بني, والله كأن جب الالدينا على صدري وكأني أتنفس من ثقب لإبرة
ونجد ان هنالك امور تهوِّن سكرات الموت
منها صلة الرحم
كما ورد الامام علي رضي الله عنه انّه قال :
مَن أحبَّ أن يخفف الله عز وجلّ عنهسكرات الموت فليكن لقرابته وصولاً ، وبوالديه بارّاً ، فإذا كان كذلك هوَّن الله عليه سكرات الموت ولم يصبه في حياته فقرٌ أبداً
وايضا برّ الوالدين
انّ رسول الله صلى‌ الله‌عليه ‌وآله حضر شاباً عند وفاته فقال له : قل لاإله إلاّ الله.
قال : فاعتقل لسانه مراراً.
فقال لامرأةٍ عند رأسه : هل لهذا امّ؟
قالت : نعم أنا امّه.
قال صلى‌الله‌عليه ‌وآله : أفساخِطةٌ أنت عليه؟
قالت : نعم ما كَلَّمتُهُ مُنذُ ستّة حجج.
قال صلى‌الله‌عليه ‌وآلهلها : ارضي عنه.
قالت : رضي‌الله‌عنه يا رسول الله برضاك عنه.
فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه ‌وآله : قل لا إله إلاّ الله.
قال : فقالها. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآلهما ترى؟
قال : أرى رجلاً أسود الوجه قبيح المنظروسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة ، وأخذ بكَظمَيَّ.
فقال له النبي صلى ‌الله‌عليه ‌وآله قل : يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مِنّي اليسير واعف عنِّي الكثير انَّك الغفور الرحيم.
فقالها الشاب. فقال له النبي صلى‌الله‌عليه ‌وآله : انظر ماذا ترى؟
قال : أرى رجلاً أبيض اللون حسن الوجهطيب الريح حسن الثياب قد وليني ، وأرى الأسود قد تولى عنّي.
فقال له : اعد ، فأعاد. فقال له : ماترى؟
قال : لست أرى الأسود ، وأرى الابيض قدوليني.
ثمّ مات على تلك الحال

فان هذا الشاب قد منعه غضب امه عليه من ان يقول الشهاده
وانّ هذا الشاب كان من الصحابة وانّ وان الرسول صلي ‌الله‌عليه ‌و سلم قد عاده وجلس عند راسه ولقنه بنفسه كلمة الشهادة ، ومع كل ذلك فلم يتمكن من قول الشهاده إلاّ بعدما رضيت عنه امّه ، وحينئذٍ انطلق لسانه بالشهادة.
اطعام المؤمن الحلوى :
وروي عن الرسول صلى‌الله‌عليه ‌وآله :
من اطعم أخاه حلاوة أذهب الله عنه مرارة الموت او كما ورد
قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ... ان السعادة فيها ترك ما فيها
لادار للمرء بعد الموت يسكنها ... الا التي كان قبل الموت بانيها
فأن بناها بخير طاب مسكنه ... وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة ... حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الافاق قد بنيت ... أمست خرابا وافنى الموت اهليها
لاتركنن الى الدنيا وما فيها ... فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
لكل نفس وان كانت على وجل ... من المنية امال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقبضها ... والنفس تنشرها والموت يطويها
إنما المكارمأخلاق مطهرة ... الدين أولها والعقل ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها ... والجود خامسها والفضل سادسها
والبر سابعها والشكر ثامنها ... والصبر تاسعها واللين باقيها
والنفس تعلم اني لا أصادقها ... ولست ارشد إلا حين اعصيها
واعمل لدار غداً رضوان خازنها ... والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها ذهب والمسك طينتها ... والزعفران حشيش نابت فيها
انهارها لبنٌ محمضٌ ومن عسل ... والخمر يجري رحيقاً في مجاريها
والطير تجري على الاغصان عاكفة ... تسبحُ الله جهراً في مغانيها
من يشتري الدار في الفردوس يعمرها ... بركعةِ في ظلام الليل يحيها

اللهم ارحمنا ان كثر الانين وعجز الطبيب وشخص البصر وبكاء الاحباب وغطنا التراب وفارقنا الاهل والاحباب لا اله الا انت بك امنت وعليك توكلت ارحمنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته