نسوان بره الشبكة

على عدد المرات التي شاهدت فيها مسرحيات بالمسرح القومي بامدرمان يبرهن المسرح السوداني على سطحية تعامله مع قضايا مهمة وحساسة وابتذال ممثليه في أدائهم لأدوارهم في حرية ربما لا يجدونها في باقي أجهزتنا الإعلامية.
"نسوان بره الشبكة" كان هو عنوان المسرحية هذه المرة ويناقش الطرح بصورة أساسية هجرة الرجال وتركهم للنساء لسنوات طويلة جداً دون خبر أو حتى عنوان، واستخدم المؤلف في سبيل إيصال فكرته مواقفاً كوميدية حتى النخاع جعلت الحضور يضحكون من أعماق قلوبهم مع عبد السلام جلود ثم في تراجيديا مبكية يجعلهم فاغري أفواههم مع ذات الممثل البارع في نهاية القصة.
المسرح عموماً والمسرحية خصوصاً تظهر بعض الفنانين (إن جاز هذا التعبير) بصورة واقعية لما يمكن أن يؤدونه من أدوار مبتذلة وفي مجملها يمكن وصفها بعبارة غير خادشة للحياء بأنها أدوار غير محترمة تذهب كثيراً من الاحترام والوقار اللذان يظهر بهما ذات الممثل في وسائل الإعلام الأخرى (وهي أكثر مشاهدة بكل تأكيد).
أكثرت الممثلات من الرقص والتلوي بصور عنيفة يستخدم في بعضها بعض الإيحاءات والكلمات الغير كريمة وحاولت الممثلة "نادية أحمد بابكر" مجاراة بعض الراقصات الصغيرات (أو أحسبهن كذلك) فيما يفعلن فأسقطت عنها ثوب الوقار والحشمة ولم يسعفها لا جسدها ولا سنها لتلك المجاراة وإن كانت وقفت وقفات محترمة جداً وواقعية إلى حد بعيد في بعض أجزاء المسرحية.
الممثل "صالحين" أجاد دوره تماماً بتلقائيته المعهودة وصوته المميز وكان منضبطاً في أدائه إلى حد بعيد ولا يبرئه ذلك من التماشي مع الجو العام للمسرحية في بعض الأحيان.
من ناحية أخرى كان الممثل "جلود" فاكهة المسرحية وروحها في أولها وآخرها بظهوره بلباس أهل البلد ولكنته الحلفاوية المكسرة الحلوة وروح الفكاهة والدعابة التي تجري في دمه وأحسب أنه قد أجاد دوره أيما إجادة.
متبقي أفراد المسرحية الأساسيين هن أربع راقصات من الدرجة الأولى طغى عليهن الرقص و التلوي والمياعة وتكسير الصوت أكثر من الأداء الجاد إلا في بعض المواقف ومنهن واحدة أجادت لغة أهلنا الشايقية (كرت كرتونة) وأبدعت فيها.
ما تناولته المسرحية في عمومها مشكلة اجتماعية واقعة ومعايشة بشهادة بعض النسوة اللائي كن يتحدثن أمامي ونحن في طريقنا لبوابة الخروج بعد نهاية العرض ولكن الطريقة المبتذلة التي تمت بها معالجة النصوص جعلت الفكرة مشوهة في أذهان المتفرجين دون حثهم على التفكير في حلول أو حتى طرح أسباب وعلاج للمشكلة من خلال العرض مما جعل عبارة (آآي والله كله حاصل) هي العبارة الأكثر ترديداً بين المشاهدين بعد نهاية العرض ولا أظن بأي حال من الأحوال أن هذا هو هدف المؤلف أو المنتج أو المخرج.
قضينا وقتاً لا بأس به داخل المسرح ولم أكن في مزاج يمكنني من الضحك كثيراً داخل المسرحية عدا بعض الابتسامات الخفيفة وإن كنت قد لاحظت ضحك زوجتي "نجوى" حتى النخاع في كثير من المواقف مع نظرة متأملة في أخرى أما "مروة" و"علي" ذوي الخمس والثلاث سنوات فقد كانا مشدوهين مع الأصوات العالية التي لم يعتادا عليها والعراك الذي كان حادثاً على خشبة المسرح، والصغيرة "هبه" ذات الأشهر العشر لم تتمالك نفسها فرقصت كثيراً في أولها وكانت تأكل أرز مع الملائكة في آخرها.
أجريت حسبة سريعة لما يمكن أن يكون دخلاً لليوم الواحد للمسرحية ووجدتها حسبة لا بأس بها.

تحياتى استاذ مجاهد بلال
وحقيقةً لم انل فرصة مشاهدة مسرحية نسوان برة الشبكة (لكن النية فى)
ولك الشكر على التناول الدقيق لجوانب المسرحية المختلفة وبخاصة السلبيات
والتى دائماً تكون مبرراتها ضعف الامكانيات واعتقد انه عذر غير مقبول, لانك هنالك
جوانب متعلقة بالموهبة وسرعة البديهة, شاهدت مسرحية
المهرج ثلاثة مرات فى فترات مختلفة وهى بلا شك من اجمل الاعمال المسرحية
التى قدمت مؤخراً وذلك للموهبة العالية لمجموعة فرقة الاصدقاء المسرحية ولكن
تخيل اخ مجاهد ان عرض المسرحية الذى شهدته قبل عدة سنوات والعرض
الاخير قبل اشهر كان صورة طبق الاصل وبالكربون وكانك تعيد تشغيل العرض
المسجل قبل عدة سنوات, نفس المداخلات ونفس التعليقات دون اى اضافة
ودون تطوير للاداء ,,,,