بني كن كالبحر كثير العطاء

بقلم:عبدالهادي الخلاقي:


بني دع الناس في حالهم فإرضاء الناس غاية لا تدرك، واعمل بما يرتضيه ربك وتقتنع به نفسك لا يهمك من انتقص من قدرك وذمك بين الناس وحينما يثق بك أحد فإياك ثم إياك أن تغدر.
بني سأذهب بك لعرين الأسد.. وسأعلمك أن الأسد لم يصبح ملكاً للغابة لأنه يزأر، ولكن لأنه عزيز النفس لا يقع على فريسة غيره مهما كان جائعاً يتضور، فلا تسرق جهد غيرك فتجور، واعلم أن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك، وما تفعله اليوم تجده أمامك غداً فإن تعمل مثقال ذرة خيرا تره وإن تعمل مثقال ذرة شراً تره، وإنما الرزق بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده والله على كل شيء قدير، أفلا ترى الطير من يرزقها أليس الله؟ والنملة في جحرها من يكفل لها طعامها أليس الله؟ قال تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ) واقنع بما قسمه الله لك فالقناعة كنز لا يفنى، ولكن إياك واليأس من رحمة الله واسع لطلب الرزق، واسلك كل السبل المشروعة للوصول إليه ولا تتخاذل ولا تتكاسل وإياك والطمع أو الحسد فيما يملك الآخرون.
بني كن متواضعاً حسن الخلق محبا متسامحا وإياك والتكبر والتعالي على الآخرين فلن يزيدك ذلك إلا كرهاً وخسراناً قال الشاعر:المتكبر كالدخان يعلو بنفسه إلى السماء وهو وضيع والمتواضع كالقمر يدنو بنفسه فترى صورته جليه على سطح الماء وهو في الأصل رفيع في السماء. واعلم إنما يتكبر من كان في قرار نفسه وضيع فاشل نكرة لا يملك شيء لا خلق ولا علم ومكانة اجتماعية ولا سمعة حسنة بين الآخرين فتجده يملأ هذا الفراغ والفشل بتكبره على الآخرين ظناً منه بأنه بسلوكه هذا، إنما يجعل الناس تخشاه وتضع له مكانه رفيعة. بني كن مثل البحر يعطي أكثر مما يأخذ يفرح الناس إذا أتوه فيعودوا منه فرحين مبتسمين وإذا قصده الصياد عاد بالرزق الوفير فالبحر مصدر رزق وفرح فكن مثله في حبك وعطائك للاخرين.