مواقع التواصل الاجتماعى

مواقع التواصل الاجتماعى .. تواصل أم عجز تواصل ؟




بقلم: عبد الماجد عليش
كاتب وصحفي

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً حاسماً في صياغة حياة الناس، وفي الكيفية التي يديرون بها حياتهم، ويعبرون بها عن وجودهم. إنها وسيلة حاسمة وهامة يعبرون بها عن ذواتهم كأفراد، ويعبرون من خلالها عن أفكارهم كأفراد وكمجموعات، أو كتنظيمات قد تصل إلى درجة الأحزاب ذات الصفة السياسية.
نتجت مواقع التواصل عن ثورة التقنيات والمعلومات. هي أحد أشكال الحضارة المدنية التي تشكل عالم اليوم.
وبالتأكيد فهي من العلامات الجيدة على سير الإنسانية بشكل حسن في مجال العلم والتطور التقني، سيما وأن الحضارة العصرية كانت تواجه اتهاماً بتحجيم العلاقات والتواصل الإنساني وحصر الناس في ضيق أعمالهم فحسب.
ولكن بقدر ما تنفي هذه المواقع وبشكل عملي واضح، تهمة تحجيم الناس في أعمالهم بقدر ما تواجه الاتهام متكرراً.

الاحتفاء بالذات
الملاحظ أن مواقع التواصل الاجتماعي على شبكات التقنيات الحديثة، تنهض على الفكرة الفردية. الصفحة أو الاشتراك شخصي ويحتوي على بيانات شخصية، بل ويتضمن هوايات بل وأمزجة الشخص صاحب الاشتراك. هناك إذن نداء للفردية أو الإعلان عن الاحتفاء بالذات أولاً.
ليس من العيب أو من الممنوع تقديم الذات، ولكن شأن كل شيء يحتوي على نقيضه، يحتوي الإعلان عن الذات وتقديم الذات على خطاب الاحتفاء بالذات.
بمعنى أن من يتقدم لطلب التعارف أو تبادل المعرفة مع صاحب الصفحة المعنية أو الاشتراك المعني بعينه لا بد وأن يكون ممن يحملون كل أو بعض أو على الأقل أقل ما يمكن من الصفات أو الخصائص المشتركة ما بينه وبين – الصديق الافتراضي.

جدل افتراضى
ليس هذا إثارة لاتهام بعينه، ولكن ستتكرر ظاهرة أن الناس سيتجمعون على ما هو مشترك بينهم، وحالما ظهر مخالف في الرأي لهم، أو معترض على رأي لهم، أو متحفظ على توجه يخصهم، حالما سيتطور الحال من تواصل افتراضي إلى جدال افتراضي بكل ما قد يستتبعه الجدال من ظواهر.
نتوقف عند أبرز ظواهر الجدال الافتراضي في مواقع التواصل:
القضايا المتعلقة بالشخص ومعتقداته وما يستسيغ وهو يسوق لها: كمثال البعض يستمزج أغنيات الحقيبة القديمة وبشكلها التراثي القديم ويروح ينشر داعياً للمشاركة، فيما يرى البعض أن التوزيع الجديد وفق استخدام الآلات الوترية والكهربائية ( الاورغن الكهربائي ) هو تحديث لأغنيات الحقيبة.
التعليقات في هكذا مادة على صفحات صفحة في حساب شخصي في فيس- بوك: هي تعبير عن جدال ثقافي- فلكلوري يستبطن جدل الأجيال في تركيبة المجتمع السوداني، وهو يواجه اهتزازاً حضارياً ومعرفياً عنيفاً.
هذا الاهتزاز في جوهره علمي ومعرفي، فالغزو العلمي الحضاري موجود أصلاً في وسائل التواصل الاجتماعي بأكثر مما هو موجود في الوسائل التقليدية السابقة.

عجز التواصل
عجز التواصل يتمثل في ظواهر شخصية وذاتية، تتعلق بطرق التعبير في هذه المواقع التقنية الحديثة. لنتفق أولاً على أنها وسائل حديثة تعتمد على: الإيجاز في التعبير وتعتمد على تفادي الشخصنة واللجوء إلى العام، وما يفيد أكثر من الخطاب الذاتي الذي يميز جوهر شخصيتنا ما قبل ظهور وسائل التواصل بشكلها الحالي.
عجز التواصل يتمثل في السؤال: هل في مقدور مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الابتعاد عن المكون الذاتي والجوهري لهم في التعبير؟

على سبيل المثال: استخدم أحد الناشطين في موقع للتواصل الاجتماعي وهو فيس- بوك غلاف لكتاب لناشط آخر في مجال التواصل الاجتماعي وفي مجال الكتابة.
هذا بالضبط هو عين المطلوب: استخدام المواقع للتنويه بالأنشطة الإبداعية والفكرية وفتح نوافذ الحوار. ما حدث بالضبط كان هو نقيض المطلوب: عجز في لغة التواصل: تم استخدام لمفردات مشحونة بموروث ثقافي ما قبل لغة أدوات التواصل.
السؤال هو: لماذا؟ وهل المعضلة في الاختيار الذاتي للمشاركين؟ أم في عدم قدرة على التطور كما ينبغي مع إحدى ظواهر ثورة التقنيات الحديثة؟

عداء بالإيحاء
عجز التواصل يتمثل في محاولة فرض الإيقاع العدائي من خلال الإيحاء. الإيحاء لا ينكشف من اليوم الأول أو من المنشور الأول، ويحتاج لوقت حتى يتم ترسيخه في مخيلة أو أذهان أو في أذهان ومخيلة المتلقي. الحضارة الحديثة تعتمد على الوضوح والصراحة والمباشرة في طرح القضايا ومحاولة الوصول إلى الحل عن طريق النقاش الواضح أو فتح الجراح حتى آخر مدى ممكن، ومن ثم السعي إلى تنظيفها ثم من بعد البحث عن الدواء المناسب.
عجز التواصل لا يكف يعتمد على الإيحاء. الإيحاء من الحيل اللغوية الكلاسيكية . وتقنيات الصورة الحديثة – على سبيل المثال- لم تعد تسمح للإيحاء بواسع مجال لحصد تأثير كبير.
صحيح أن الصورة نفسها تتضمن إيحاء، ولكن تظل تقنيات التصوير الحديثة بل وقدرة التقاط صورة لحدث وهو لا يزال -بعد- حي يتدفق حدوثا تمنع الإيحاء من سابق نجاحاته.

الترويج الأيديولوجى
عجز التواصل يتمثل سالباً في حالة الترويج للأفكار الايديولجية. مشكلة الايديولجية أنها تضغط بفكرة أنها تملك الحقيقة المقدسة ومن ثم تصر على ضرورة نشرها.
مواقع التواصل الاجتماعي نموذج حديث لمجال حيويي لتبادل الأفكار. عجز التواصل هنا يتمثل في ظاهرة الاستخدام اللغوي.
فالمساحة اللغوية التي تسمح بها مواقع التواصل الاجتماعي لا تتيح مجالاً واسعاً للاسترسال وللإسهاب في عرض الأفكار وتمتين شرح وجهات النظر.
ومعلوم أن الايدليوجيات أو الأفكار ذات المرجعية المقدسة تحتاج دوماً لمتسع للاضافة وللتوضيح بسبب أن مقدار كبير من وثوقيتها يكمن في جوهرها اللغوي. على سبيل المثال:
مساحة التعليق المتاحة في أسفل أي مشاركة في صفحة اشتراك في الفيس-بوك لا تتيح متسعاً مريحاً لمن يريد أن يفيض في شرح ما يؤمن به. وإن حاول الاختزال سينكشف مدى تمكنه ومدى استيعابه لما يؤمن به من معتقد ايديولجي.

الخروج عن النص
ولعل من أسوأ مظاهر عجز التواصل في الحالة السابقة حالة الخروج عن النص الذوقي والأخلاقي. ولربما لهذا انتبهت ومنذ التأسيس إدارة موقع الفيس- بوك إلى وسائل الضبط الذوقي والأخلاقي والمهني، وذلك عن طريق الحظر من بعد التنبيه ومن بعد التحذير.
عجز التواصل إذن ينتج عند استخدام لغة مفارقة للذوق الأخلاقي، أو استخدام ألفاظ جارحة وخارجة عن الذوق العام، أو ما يُسيء إلى الآداب العامة المتعارف عليها، مثل التعبيرات المكشوفة جنسياً، ومثل التلميحات ذات الدلالات المهينة عرقياً وإثنياً، أو محاولة الترويج للكراهية أو إثارة دعوة للعنف أو استخدام العنف اللفظي للترويج لأفكار بعينها.

حلم التقنيات الحديثة بتواصل اجتماعي عبر خلق لغة عالمية واحدة متفق عليها وهي لغة: السلام والدعوة لنبذ العنف ونبذ العنصرية والكراهية، وتبني الاتفاقيات العالمية التي تجعل من حقوق الإنسان حقاً واحداً متفقاً عليه أصبح يواجه تحدياً هو في جوهره يعبر عن نزعة الإنسان التقليدية الكلاسيكية للبقاء على حال واحد.

حداثة عرض وطلب
ولعل من المثير للانتباه أن الجميع يبدون متفقين حول العموميات، غير أن التفاصيل يكمن فيها ماهو مختلف ألوانه من التطبيق. ولعل هذا يقود لسؤال قد يبدو في جوهره سؤالاً فلسفياً وجودياً وهو: لماذا يحول الإنسان كل شيء فيه فائدة ومنفعة، إلى جانب تأتي منه المضرة، ويحضر هنا في هذا الموقف بيت الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبيء في تأملاته الفلسفية حين يقول في إحدى روائعه:

كلما أنبت الزمان قناة ركب المرء في القناة سنانا

ظاهرة سلبية أخرى من ظواهر عجز التواصل، وهي لجوء البعض لاستخدام صفحته في التواصل للتسويق.
ليس عيباً ولا منقصة أن يتم تفعيل التجارة الإلكترونية، بل ولربما رأى البعض حداثة في هذا العرض والطلب. السلبية هي أن البعض يعرض بضاعة غير مرحب بها قانونياً ولا أخلاقياً

نقاء التواصل المطلوب
تنتشر في شبكات التواصل على شكل مجموعات منظمة جماعات تسلك طريق العرض الصريح دون خفاء إلى ما هو غير قانوني ولا مستساغ ذوقياً وأخلاقياً، وذلك بسبب أن مواقع التواصل كما التلفاز في البيت مبذول لكل الأسرة. ولا يستطيع أب أو أم أن يحجز بنته أو ابنه من استخدام صفحتهما، ولكن هناك سهولة اختراق هذه الشبكات للأبرياء ولقليلي الخبرة، أو لمن هم في حالة اليأس والرغبة في الاستسلام بأي شكل كان.

هنا تتحول وسائل التواصل من وسيلة للتواصل إلى أداة لكسر التواصل، وللتشويش على نقاء التواصل الإنساني المطلوب.

الحل الأمثل الآن في مجتمع محافظ كمجتمعنا، يتمثل في البداية المبكرة جداً في تعليم الأطفال والصبيان، كيفية التعامل مع هذه الظواهر الحديثة وبكل وضوح.
إن أي محاولة لإخفاء هذه الظواهر التقنية الحديثة، والتي تتحول الآن من جهاز ثابت في البيت إلى جهاز محمول في اليد لا يفارقها، ستكون كمحاولة لدفن الرأس في الرمال، وحينما يتوفر الوضوح تنفتح مساحة الثقة ومن ثم تتبدى المعالجات

موضوع جميل وزي مابقول ابوامجد بوست شبعان

واكثر ما استوقفني في هذا الموضوع

نقاء التواصل المطلوب
استخدم البعض هذه التقنية بصورة خاطئة اذا كان بقصد اومن غير قصد
ولقد قراءت قبل فترة زوجة تطلب الطلاق من زوجها بسبب الواتساب والفيس بوك وذكرت في عريضتها ان زوجها يدردش مع بنات اصغر منه بكلام غير لائق ويبادل صور فاضحة ( جنسيه ) واصبح لايجلس معهم مثل الاول وتغير سلوكه وتعامله مع افراد الاسرة وكل ذلك بسبب الواتساب والفيس بوك
اذا كان هذا رب الاسرة فكيف سيرشد ابنائه الي مخاطر هذه التكنلوجيا الحديثة
وهنالك الكثير من القصص والطلاقات والمشاجرات التي حدثت وسببها التقنية الحديثة التي تعامل معها البعض بسوء نيه

اختيار جميل
ودراسه وافيه
لم تترك شارده او وارده
حقيقة مواقع التواصل الاجتماعى
ثقافه شابتها الكثير من الاخفاقات
و صاحبتها الكثير من العلل
و التعامل معها يحتاج لاستصحاب معايير اخلاقيه
و اجتماعيه ودينيه
وافر احترامى للباحث
عبدالماجد عليش
ولك
اخى ابو عمر