عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2014, 10:07 AM   #7


الصورة الرمزية عاطف اسماعيل
عاطف اسماعيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 103
 تاريخ التسجيل :  Sep 2005
 أخر زيارة : 01-11-2022 (05:26 AM)
 المشاركات : 3,129 [ + ]
 التقييم :  31
 الدولهـ
Sudan
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blueviolet
افتراضي



خروج العساكر تبدلت نغمة صاحبنا الكولونيل و شد على كدوسه و تكلم معى بلطف و قال لى أنا فهمت بوضوح انك ضابط شجاع و سمعت ذلك من الضابط الذى ألقى عليك القبض فى ارض المعركة و خسارة أن تموت و فى امكانك إنقاذ حياتك فهل لك ان تساعدنى على إنقاذك ؟ و انا اعلم طبعا ان لك زوجة و اولاد و هم فى حاجة لرعايتك و انت لم تزل فى سن الشباب ، فقلت له ان الحكومة المصرية بالتأكيد تعلم نبأ وقوعى فى الاسر و بلغته الى جمعية الصليب الاحمر الدولية و ستتخذ كل الاجراءات الدولية لانقاذى و اذا انا مت فهذا ما كنت اسعى اليه ، هنا قفل التحقيق معى و أمرنى بالخروج من الغرفة ووجدت عربة بانتظارى و بها ستة عساكر حرس مسلحين أخذونى الى معسكر الاسرى فى (عتليت) على شاطئ البحر الابيض المتوسط قرب مدينة (تل ابيب) هذا المعسكر كبير جدا و محاط بالاسلاك الشائكة المضيئة ليلا و نهارا و به نحو ثلاثة الف اسير من العرب الذين خربت قراهم و اخذت ممتلكاتهم بواسطة اليهود و به كميات هائلة من الملابس و البطاطين المنهوبة من الاهالى العزل ووجدت عددا من الضباط المصريين و رحبوا بى كثيرا و كانوا يلهجون بشكر السودان و اهله و قدروا مرؤتنا بالحضور لمشاركتهم عناء الحرب و كان الضباط اليهود يحترمونى لانى فرضت احترامى عليهم بسلوكى و لذلك عملوا خيمة منفردة لشخصى و كان الماجور قومندان المعسكر يأتينى كل صباح و يحينى بالتحية العسكرية ، و مكثت فى هذا المعسكر مدة ثلاثة شهور و نعلم شيئا عما يدور فى الخارج و بعدها سرت اشاعة بان الضباط يدبرون طريقة للفرار من هذا المعسكر لينضموا الى جيش سوريا تحت قيادة الرئيس حسنى الزعيم و لذلك نقلوا الضباط المصريين و انا طبعا معهم الى معسكر قرب مدينة (يافا) على شاطئ البحر تحت حراسة سفينة حربية بميناء يافا الى ان اعلنت الهدنة فى مدينة (رودس) و حصل تبادل الاسرى بين الحكومات و نقلنا الى غزة و هناك تحت رعاية الصليب الاحمر الدولى عدنا للقاهرة ، الجيش المصرى حارب فى فلسطين بشجاعة و جدارة و لولا التخاذل الذى ظهر من بعض الحكومات و الخيانة من بعض الرؤساء مثل خيانة الملك عبدالله ملك الاردن الذى كان القائد الاعلى لكل الجيوش العربية بفلسطين لما حصل ما حصل و كانت النتيجة ان قتل الملك عبدالله فى بيت المقدس فى يوم الجمعة فبل الصلاة بيد احد المحامين .
العودة للقاهرة : عدت للقاهرة و دخلت المستشفى العسكرى بكوبرى القبة و كان قائد المستشفي هـــو اللـــواء
عبدالرحمن نديم ـ الذى فتح عيادة فيما بعد لعلاج الانف و الاذن و الحنجرة بالخرطوم ـ لان اليهود تعمدوا عدم معالجتى لانى كنت أشم العفونة من جراحى و المادة تخرج منها و جلت قدرة الله تعالى انى فى مدة التسعة أشهر التى قضيتها بسجون اليهود لم اشعر بالالم من الجروح و لا أدرى للآن كيف حصل هذا و انا مصاب بأربعة جروح فى أربعة محلات مختلفة فى جسمى و القيح ينساب منها و الله قادر على كل شيئ .كتبت عنى الجرائد المصرية عن أعمالى بالميدان و زارنا عدد كبير من المصريين و كان اولهم الاخ الشهم الاميرالاى محمد نجيب بك قائد مدرسة الضباط العظام آنذاك و الشاعر الفحل محمد سعيد العباسى الذى أهدانى ديوان شعره المطبوع حديثا بخط يده و لم ازل محتفظا به و السادة الصحفيان النابهان اسماعيل العتبانى صاحب جريدة الرأى العام و المرحوم محمد أحمد السلمابى رئيس تحرير جريدة صوت السودان سابقا و كتبوا عنى مشكورين فى صحيفتيهما ، و فى أحد الايام حضر لى الاخ الاميرالاى محمد نجيب و قال لى أنه أخذ تصريح قائد المستشفى كى اتغذى معه بمنزله و هذا تصريح صعب الحصول عليه و الدولة فى حالة حرب و لكن نجيب و ما اتصف به من الشهامة و الرجولة و الشجاعة كانت تفتح أمامه كل الابواب و كان محبوبا من كل افراد القوات المسلحة المصرية و احضر لى معه بدلة عسكرية و قبعة بعلاماتها و قميص و كرافتة و عصا أيضا و قال لى أنه قد جهز لى مفاجأة فى البيت فركبنا عربته الى منزله بمنشية البكرى شرق المستشفى العسكرى بقرب منزل الوزير المشهور مكرم عبيد و عند صعودنا الى الدور الرابع بدون اسانسير و دخلنا الى الصالون وجدت أمامى اللواء عبدالله النجومى باشا ياور الملك فاروق فتعانقنا بحرارة لانى أعرف النجومى عندما كان برتبة الملازم اول فى البلوك الخامس باورطة خط الاستواء بمحطة (لوسنجا) بمديرية منجلا آنذاك و حضر الاكل امامنا و كانت التربيزة الكبيرة ملآنة جدا بالمأكولات و لكن الذى لفت نظرى طبق غرباوى ملآن بالكسرة البيضاء و صحن صحن كبير مملؤ بملاح (أم رقيقة) و اللحم محمر فى صحن آخر و صحن كبير فارغ امام كل واحد كى يأخذ أم رقيقة بالمغرافة و يخلطها بالكسرة داخل الصحن و يخمج كما يريد اذا لم يغمس و هجمنا على ام رقيقة و تركنا باقى المأكولات و نهشنا اللحمة المحمرة باصابعنا بدلا عن الشوك و السكاكين و خلصنا عليها و تركنا باقى الاكل كما هو بما فيه الحلوى و بعدها قدمت لنا الجبنة السودانية مبخرة فشفطناها و هنا بعد هذه الاكلة السودانية الشهية سألت انا نجيب اسمع يا اخى سؤالى من الممكن احضار الشرموط و توابعه لعمل الملاح و لكن كيف عملتم الكسرة و انتم تسكنون فى الدور الرابع فى قصر بدون اسانسير فأجابنى و هو يضحك يا عزيزى هذا هو سر المهنة و عقبت عليه و كيف ذلك ؟ فقال طلبت من الاخ الصاغ خميس حلمى و هو يسكن بحى بولاق ان يكلف الست زوجته بأن تعمل الكسرة عندهم و نقلوها بالعربة من بولاق الى حى منشية البكرى و هى مسافة تزيد على المسافة من الخرطوم الى مدينة مسيد ود عيسى بالجزيرة ، ثم ولعت كدوسى وولع نجيب كدوسه اما اخينا النجومى فهو فكى كبير و لا يدخن أبدا و بعد هنيهة فاجأنى الاخ اللواء عبدالله النجومى بأنه دبر هذه المقابلة و الغدوة مع نجيب كى يقابلنى و يبلغنى تحايا صاحب الجلالة الملك لوصولى بالسلامة من اسر اليهود و انه يرجوا لى عاجل الشفاء و أن جلالته ايضا منحنى وسام (نوط الجدارة الذهبى) اعترافا بشجاعتى ، حقا انها أكلة تاريخية اولا لانى لم أرى الكسرة و الملاح منذ ابريل سنة 1948م لغاية هذا اليوم و هو سبتمبر سنة 1949م و ثانيا منحت فيها نوط التقدير ممن يعرفون قدر الرجال ، و عولجت فى المستشفى العسكرى معالجة مكثفة و اخرجوا من ذراعى الايمن شظية رصاصة كانت راقدة وسط الشرايين و سببت المادة و لغاية اليوم انا اشعر ببعض الشلل فى اصبعى السبابة ، و بعد خروجى من المستشفى قمت بزيارة للاخ محمد نجيب بمنزله بالحلمية ثم زرت المرحوم عبدالرحمن عزام باشا الامين العام للجامعة العربية و عدت للسودان و بعد ان أخذت استراحة خدمت فى شركة الكسندر جيب فى مشروع كبرى الدمازين شرق الروصيرص و مكثت هناك اربعة اشهر اصبت خلالها بحمى الملاريا فاستقلت من الخدمة و رجعت لام درمان .
وصل الى السودان البطل المرحوم الصاغ صلاح سالم أحد زعماء مجلس الثورة المصرى بعد الاطاحة بالحكم الملكى فى مصر سنة 1952م و قمت معه لجنوب السودان و زرنا المديريات الجنوبية الثلاث و معنا الاخ الشهم القائمقام سليمان ابراهيم (وهذه رحلة تاريخية تقرر على اثرها استقلال السودان و قد كتبت عنها مذكرة تتكون من 25 ورقة فلوسكاب و ليس هنا محل نشرها وهى محفوظة لدىّ) ، بعد العودة من الجنوب وصلتنى دعوة رسمية من الحكومة المصرية لحضور الاحتفال الرسمى بمرور ستة اشهر على قيام الثورة المصرية و ارسلت الدعوة لعدد كبير من اعيان السودان و الصحفيين و انزلونا فى فندق الجراند هوتيل و حضرنا الاستعراض العسكرى الفخم بميدان التحرير و كان الفريق أ.ح محمد نجيب هو القائد الاعلى للقوات المسلحة المصرية و رئيس اول جمهورية فى القطر المصرى و بعد الاستعراض الفريق دعانا سليمان ابراهيم و انا و انعم على سليمان ابراهيم برتبة القائمقام(عقيد) و انعم علىّ انا برتبة البكباشى(مقدم) و الحقنا بالجيش المصرى فى الكتيبة المصرية التى كانت بقشلاق توفيق باشا بالخرطوم(رئاسة مطافئ السودان الآن) من يناير لغاية سبتمبر سنة 1954م ، و على اثر الحوادث التى حدثت فى مصر و عزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية و اعتقاله و كان للحادث دوى هائل بالسودان و خرجت المظاهرات فى شوارع الخرطوم استنكارا لما حدث له و تأييدا لموقفه لان الفريق نجيب كان معروفا و محبوبا من الشعب السودانى و فى مصر حصلت حركة تأييد له من الوحدات السودانية الهجانة بعين شمس بضواحى القاهرة و امكن التغلب عليها بصعوبة و من ثم قررت القيادة الجديدة الاستغناء عن خدمة كل الضباط السودانيين العاملين بالجيش المصرى ووصل اخطار رسمى لقائد الكتيبة المصرية بالخرطوم باحالتنا الى المعاش سليمان و انا ، ومما يذكر ان محمد نجيب كان فى وقت ما قبل حملة فلسطين قائدا لسلاح الحدود الهجانة السودانية و هذا هو سبب تمردهم لما علموا باقالته و اعتقاله .

http://www.adnanzahir.com/%D9%85%D8%...-%D8%B9%D9%86/


 
 توقيع : عاطف اسماعيل



رد مع اقتباس