الموضوع: من كتاب الزهرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-30-2016, 02:10 PM   #2


الصورة الرمزية ايوب
ايوب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7537
 تاريخ التسجيل :  Oct 2010
 أخر زيارة : 09-13-2020 (09:25 AM)
 المشاركات : 3,103 [ + ]
 التقييم :  27
لوني المفضل : Brown
افتراضي



من كان يعشق فاليكن عفيف
قال أبو بكر بن داود وحدثني أبي قال حدثنا سويد بن سعيد الحدثانيّ قال حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى الفتات عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: مَن عشق فعفَّ فكتمه فمات فهو شهيد ولو لم تكن عفَّة المتحابَّين عن الأدناس وتحاميهما ما ينكر في عرف كافة النَّاس محرَّماً في الشرائع ولا مستقبحاً في الطَّبائع لكان الواجب على كلِّ واحد منهما تركه إبقاء ودّه عند صاحبه وإبقاء على ودِّ صاحبه عنده.
أنشدني أحمد بن يحيى عن زبير عن محمد بن إسحاق عن مؤمل بن طالوت من أهل وادي القرى عن حمزة بن أبي ضيغم:
وبتْنا خلافَ الحيِّ لا نحنُ منهمُ ... ولا نحنُ بالأعداءِ مُختلطانِ
وبتْنا يقينَا ساقطَ الطَّلِّ والنَّدى ... منَ اللَّيلِ بردَا يمنةٍ عَطرانِ
نذودُ بذكرِ اللهِ عنَّا غوَى الصِّبى ... إذا كادَ قلبانَا بِنا يرِدانِ
ونصدرُ عن ريِّ العفافِ وربَّما ... سُقينا عليكِ النَّفسَ بالرَّشَفانِ
وأنشدتني أعرابية بالبادية:
ويومٍ كإبهامِ الحُبارَى لهوتهُ ... بقعمةَ والواشونَ فيهِ تحرِّفُ
بِلا حرجٍ إلاَّ كلامَ مودَّةٍ ... علينا رَقيبانِ التُّقى والتَّعفُّفُ
إذا ما تهمَّمنا صددْنا نفوسَنا ... كما صدَّ مِنْ بعدِ التَّهمُّمِ يوسفُ
وأحسن من هذا قول عمر:
نظرتُ إليها بالمحصَّبِ مِنْ منًى ... ولِي نظرٌ لولا التَّحرُّجُ عارمُ
فقلتُ أشمسٌ أمْ مصابيحُ بيعةٍ ... بدتْ لكَ خلفَ السِّجفِ أمْ أنتَ حالمُ
بعيدةُ مهوَى القرطِ إمَّا لنوفلٍ ... أبوها وإمَّا عبدُ شمسٍ وهاشمُ
طلبْنا الصِّبَى حتَّى إذا ما أصبْنهُ ... نزعْنا وهنَّ المسلماتُ الكرائمُ

وقال آخر:
فلمَّا التقيْنَا قالتِ الحكمَ فاحتكمْ ... سوَى خصلةٍ هيهاتَ منكِ مرامُها
فقلتُ معاذَ اللهِ مِنْ تلكَ خصلةً ... تموتُ ويبقَى وزرُها وإثامُها
فبتُّ أُثنِّيها عليَّ كأنَّها ... منَ النَّومِ سكرَى وارفاتٌ عظامُها
وقال مسعر بن كدام:
تفنَى اللَّذاذةُ ممَّنْ نالَ صفوتَها ... منَ الحرامِ ويبقَى الإثمُ والعارُ
تبقَى عواقبُ سوءٍ في مغبَّتِها ... لا خيرَ في لذَّةٍ مِنْ بعدِها النَّارُ
وقال عبيد الرَّاعي:
نقاربُ أفنانَ الصِّبى ويردُّنا ... حياءٌ إذا كدْنا نلجُّ فنجمحُ
حرائرُ ما يَدرينَ ما سوءُ شيمةٍ ... ويتركنَ ما يُلحَى عليهِ ويفضحُ
وقال ذو الرمة:
أرَينَ الَّذي استودعنَ سوداءَ قلبهِ ... هوًى مثلَ شكٍّ بالرِّماحِ النَّواجمِ
أُولئكَ آجالُ الفتَى إنْ أردنهُ ... بقتلٍ وأسبابُ السَّقامِ المُلازمِ
يقاربنَ حتَّى يطمعَ التَّابعُ الصِّبى ... وتهتزَّ أحشاءُ القلوبِ الحوائمِ
إذا قالَ يا قدْ حلَّ دَينِي قضينَهُ ... أمانيَّ عندَ الزَّاهراتِ العوائمِ
وقال أيضاً:
وإنَّا لنرضَى حينَ نشكُو بخلوةٍ ... إليهنَّ حاجاتِ النُّفوسِ بلا بذلِ
وما الفقرُ أزرَى عندهنَّ بوصلِنا ... ولكنْ جرتْ أخلاقُهنَّ علَى البُخلِ
- من عشق فعف ثم مات مات شهيدا (الخطيب عن عائشة)
وقال آخر:
فما نطفةٌ مِنْ ماءِ مزنٍ تنسَّمتْ ... رياحٌ لأعلَى مَتنهِ فهوَ قارسُ
بأطيبَ مِنْ فيها وما ذقتُ طعمهُ ... ولكنَّني فيما ترَى العينُ فارسُ
وأنشدني أحمد بن يحيى النحوي لزينب بنت فروة:
وما طعمُ ماءٍ أيُّ ماءٍ تقولهُ ... تحدَّرَ مِنْ غرٍّ طوالِ الذَّوائبِ
بمنعرجٍ أوْ بطنِ وادٍ تحدَّثتْ ... عليهِ رياحُ الصَّيفِ مِنْ كلِّ جانبِ
نفتْ جِريةُ الماءِ القذَى عنْ متونهِ ... فما إنْ ترَى فيهِ مُعاباً لعائبِ
بأطيبَ ممَّنْ يقصرُ الطَّرفُ دونهُ ... تُقَى اللهِ واستحياءُ بعضِ العواقبِ
وقال العديس الكناني:
جزَى اللهُ الوُشاةَ جزاءَ سوءٍ ... فإنَّهمُ بنا قدْ يولَعونا
ولوْ لمْ نخشَ إلاَّ النَّاسَ كانُوا ... علينا في الإساءةِ هيِّنينا
ولكنَّا نخافُ اللهَ حقّاً ... ونخشَى اللهَ إسلاماً ودِينا
ونَسْتحيي ونرعَى غيبَ جُمْلٍ ... ونحنُ علَى المودَّةِ مُنطوينا
وقال آخر:
وأقصُرُ طرفِي دونَ جُمْلٍ كرامةً ... بجُملٍ وللطَّرفِ الَّذي أنا قاصرُهْ
سقَى اللهُ بيتاً لستُ آتِي أهلهِ ... وقلبِيَ في البيتِ الَّذي أنا هاجرُهْ
وقال آخر:
تضوَّعَ مسكاً بطنُ نعمانَ إذْ مشتْ ... بهِ زينبٌ في نسوةٍ عطِراتِ
خرجنَ بفجٍّ رائحاتٍ عشيَّةً ... يلبِّينَ للرَّحمانِ مُعتمراتِ
غطِّينَ أطرافَ البنانِ منَ التُّقى ... ويخرجنَ بالأسحارِ مُجتمراتِ
ولمَّا رأتْ نكثَ النُّميرِيِّ أعرضتْ ... وكنَّ مِنَ انْ يَلقيْنَهُ حذِراتِ
وقال آخر:
ألا يا شفاءَ النَّفسِ لمْ تسعفِ النَّوى ... وتُحيي فؤاداً لا تنامُ سرائرُهْ
أثِيبِي فتًى حقَّقتِ قولَ عدوِّهِ ... عليهِ وقلَّتْ في الصَّديقِ معاذرُهْ
أُحبُّكِ يا سلمى علَى غيرِ ريبةٍ ... وما خيرُ حبٍّ لا تعفُّ سرائرُهْ
وقال آخر:
ويخشَوْنَ في ليلَى عليَّ ولمْ أنلْ ... معَ العذلِ مِنْ ليلَى حراماً ولا حِلاَّ
سوَى أنْ محا لوْ تشاءُ أقلَّها ... ولوْ تبتَغِي ظلاًّ لكانَ لها ظلاَّ
ألا حبَّذا أطلالُ ليلَى علَى البِلى ... ومَا بذلتْ لي مِنْ نوالٍ وإنْ قلاَّ
وما يتمادَى العهدُ إلاَّ تجدَّدتْ ... مودَّتها عندِي وإنْ زعمتْ أنْ لا
ولعمري إنَّ هذا من نفيس الكلام قد جمع لفظاً فصيحاً ومعنًى صحيحاً غير أنَّه لم يخبر بالعلَّة الَّتي من أجلها لم ينل حراماً ولا حلالاً فيُقضى له على حسب ذلك لأنَّ من منعه من إتيان المنكر عجزه عنه لم يشكر وإنَّما يُستطرف ممَّن قدر على ما يهواه فتعفَّف.
وبلغني أن أعرابياً خلا بصاحبته فقيل له ما كان بينكما فقال ما زال القمر يزيّنها فلما غاب زيّنته فوضعت كفِّي على كفِّها فقالت مَهْ لا تُفسد فقلت والله ما يرانا إلاَّ الكواكب فقالت ويحك وأين مكوكبُها قال فارْفضضتُ والله عرقاً ولم أعد وبلغني أن العباس بن سهل الساعدي دخل على جميل وقد احتضر فقال له جميل بلِّغنا أتظنّ رجلاً عاش في الإسلام لم يزنِ ولم يسرق ولم يسفك دماً حراماً ناجياً من هول يوم القيامة قال العباس فقلت أي والله فمن ذلك قال إنِّي لأرجو أن تكونه قال فتبسَّمت وقلت أبعد إتيانك بثينة عشرين سنة فقال إنِّي في آخر يوم من أيام الدُّنيا وأول يومٍ من أيام الآخرة فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلّم إن كنتُ حدَّثت نفسي بحرامٍ منها قطُّ عمَّا وراء ذلك قال ثمَّ مات من يومه.


 
 توقيع : ايوب



لا تأمن الموت في طرف ولا نفس
*** ولـو تـمنعــت بــالحجـاب والحـــرس
وأعـلـم أن ســهــام المــوت نـافـذة
*** فــي كــل مـــدرع مــنـــا ومـتـــــرس




رد مع اقتباس