الشامة ..
الحلقة العاشرة والاخيرة ..
بقلم طارق اللبيب..
قال لي بشير .. سبحان الله ان هذا لبهتان عظيم .. جر مصائب وبلاوي
ان هذه المراة التي يتهمونها بي .. هي من اشرف واطهر نساء المنطقة..
وانا وجميع الرجال لانعرف عنها الا الخير والبركة..
غير انها بريئة الطبع كثيرة الكلام..
وانا ساعطيك دليلا قويا على برائتي..
هل حكى لك .. ان الطبيب سالني عن عملية عملتها قبل عشرين سنة؟
قلت له نعم ..
قال لي : هذه العملية كان ازالة البروستات..
وهي التي منعتني من الزواج لاني لا امل لي في الانجاب..
وقد كانت العملية قبل ولادة البنت بتسع سنوات..
فكيف تكون بنتي ..
فاطمأن قلبي ..حتى ذرفت دموعي بالبكاء..
وانا اتصور تلك المراة المسكينة التي اتهمها زوجها..
واخذ عنها فكرة سيئة بدون ان يتبين الحقائق..
واتخذ سبل الشيطان في دعم الشك وصدق البهتان..
ونسي قول الله عز وجل ..يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينو ان تصيبوا قوما بجهالة
فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
....
خيم صمت رهيب على الجلسة..
فقلت له اذا ماقصة الشامة التي في كتفك وكتف الفتاة ؟؟
قال لي بشير : ما اغباكم ايها الناس..
هل تتخذون مواضع الشام دلالة على الوقوع في الفاحشة..
والله عز وجل جعل الشهادة على ذلك اربعة رجال عدول..
فضحكت انا على نفسي فعلا من كلامه..
فانها حقيقة غابت من ذهني في شحنة الشر..
سبحان الله العظيم..
وبعد ذلك اصر صاحبي ان ينادي التاية..
فناداها فجاءت..
امراة حولاء كالحة ذات اسنان بارزة..
ترتدي زوج من السفنجات بالوان مختلفة..
اقدامها غبشاء ..
يظهر عليها الشر..
فطرحنا عليها السؤال ..
فقالت والله انا كذبت عليه خوفا من ان يفضحني..
وما كنت احسب انه سيهرب من البلاد..
وكنت اعلم بالشامة في بنته لاني كنت اتي بيتهم كثيرا..
وفجاة يوم رايت شامة تشابهها في كتف بشير حيما كان يحفر في جدول في مزرعته..
فتذكرت ذلك حينما تضايقت من المنظر الذي وجدني فيه مع الطفل الميت..
ولكن والله هذه المراة بريئة والبنت بنت حلال..
وربنا يسامحني ..
ثم قامت التاية وذهبت ..
تبينت الحقائق..
وزال الشك واشتقت الى حبيتي لانظر في وجهها طويلا..
وابكي علي شئ هي لاتعلم عنه شيئا..
وحتى الام المسكينة لاتعلم عن هذه التهمة..
سبحان الله..
وها نذا ساسافر الى بورتسودان مرة اخرى فهيا معي ..
سافرت الى بورتسودان بعد ان اوصيت كل من بشير والتاية وصاحبي
الذي كان سببا في كشف السر ليكتموا هذا السر الى الابد..
فعاهدوني على ذلك..
وسافرت وفي الطريق تمر علي مشاعر من الفرح ما احسستها في حياتي..
فلقد نجحت نجاحا باهرا..
وطبعا قبل ان ان اركب سفريات بورتسودان نزلت في
سوبا بشرت فيها امي
ووذهبت الى الجامعة وقابلت فيها اسماء وقلت لها لقد وجدت اباك
فلم تصدق وبدات تضحك وتهذي بكلمات..
حتى تحركت من عندها لم تصدق..
ولكن طبعا ما اخبرتها ابدا بالقصة..
واتمنى ان لاتسمع بها في حياتها..
وسافرت الى بورتسودان..
ووجدت الاب المسكين الذي انهكه الزمن واكل عليه الدهر وشرب
وحكيت له تفاصيل السفرة وما اذا حدث..
وتكلمت معه عن براءة زوجته المسكينة..
واخبرته بماقال بشير والتاية وهما مستعدان للحلف بالله ..
وبعد ان سمع القصة بكى وبكى وبكى
حتى رحمته من كثرة البكاء وقال لي يا اسفي على سنواتي التي..
قطعتها بعيدا عن بنتي وزوجتي المظلومة .وسافرنا انا وهو راجعين والحمد لله
ونزلنا في الخرطوم
واتصلت علي اسما لتقابلني واخبرتها حتى لاتتفاجأ
وقلت لها تعالي لي العصر في حديقة السلام
معي ابوك يريد ان يقابلك
فقالت ارجوك اترك الكذب
فجاء الوقت المنشود لقاء الاب بابنته وكانت لحظة لاتخطر لكم على بال
فجاءت تمشي وتنظر الى الرجل الشايب
ولم تسلم علي
وهي تنظر في ملامحه مندهشة
وفجأءة بدات تصرخ وتبكي وتضرب في صدر ه بيديها
واحتضنته كانها طفلة في السابعة من عمرها
اما انا فقد بكيت من هذا اللقاء بكاء لم ابكيه في حياتي..
والوالد ابتلت لحيته بدموعه..
والمشهد طال.. ولم تنظر الي خلال هذا السلام لمدة نصف ساعة..
فقد تنظر الى ابيها ثم تحتضنه وتبكي..
فرتبنا امرور السفر وذهبنا ثلاثتنا الى بيتنا في سوبا..
وتعرفت امي بالبنت وابيها..
ورحبت بهم..
وتعرفوا على اختي.. واخذوا معنا يومين.. بعدها سافرنا الخمسة
وذهبنا معهم الى قريتهم..
وكان مهرجانا عظيما من الفرح .. حتى حملني اهل المنطقة على الاعناق ..
وطبع لا يفوتني ان اذكركم تعاهدت انا وهذا الوالد الكريم
ان نكتم القصة ولانخبر بها احد..
ولم تروا احبتي كيف كان بكاء هذا الرجل امام زوجته..
وهو يبكي باركا على ركبتيه ..ويطلب منها السماح..
والكل متحير في هذا الرجل الذي لايعلمون سبب ذهابه ..ولاسبب مجيئه..
وحبيبتي وامنية حياتي اسماء اللذيذة . تزوجتها والان زادت مدة زواجنا فوق الخمس سنوات وهي لاتعلم
ان اباها ابتعد عنها وكان يظن انها منسوبه لغيره..
بعض الامور لابد من كتمانها..
وانا اعلم ان هذه التهمة كانت لخير..
حتى تنظرني اسماء ..ولايستطيع احد ان يتزوجها..
فلله حكم في تسطير الامور..
وهنا تنتهي قصتي معكم.. والسلام عليكم ورحمة الله ..
اخوكم ياسر ..
كتبها من الخيال ..
طارق اللبيب .
|