منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa

منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa (http://www.alhasahisa.net/vb/index.php)
-   «۩۞۩-منتدى الحصاحيصا الحر-۩۞۩» (http://www.alhasahisa.net/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   العاملون بالخارج.. فوبيا الوطن (http://www.alhasahisa.net/vb/showthread.php?t=4466)

راشد محمد الجاك 11-11-2008 05:17 PM

العاملون بالخارج.. فوبيا الوطن
 
استميحكم عذرا فى ان نتشارك هذا الموضوع الذى كتب عنه كثيرا ولكن ... لابد من النقاش حوله كما ذكر كاتب المقال الاستاذ / هاشم بانقا الريح ...

مثلما خرج معظمهم من الوطن مكرهين ربما كُتب عليهم أن يعودوا إليه مكرهين أيضاً، وبين الأولى و الثانية حكايات و حكايات تحتاج إلى جيش من الأخصائيين النفسيين، و الاجتماعيين، و الكُتّاب المنصفين، و المحللين الاقتصاديين الأكفاء البارعين. هذا صورة محزنة، و مليئة بالإحباط و اليأس.. أليس كذلك؟ لكن ليسمح لي القارئ العزيز أن أسترسل في الكتابة حول ذلك لأن هذا هو الواقع المرير الذي لا بد من الإقرار به، و عدم الحديث عنه يعتبر نوعاً من الهروب غير المجدي.

لاحظت – مثلما يكون قد لاحظ غيري - أن الكثير من العاملين بالخارج قد أصابتهم حُمّى الخوف من الوطن و استفحل هذا الخوف حتى أصبح في بعض الحالات خوفاً مَرضياً يحتاج إلى تشخيص و من ثم علاج. الخوف من السودان لمستها عند الكثيرين الذين يقطنون بلاد الغربة لاسيما دول الخليج. و لماذا بلدان الخليج بالذات يا تُرى؟ ربما لعوامل تتعلق بقوانين الهجرة و العمل في هذه البلدان و يستشكل فيها، بل و يصعب إلى درجة الاستحالة، الحصول على إقامة دائمة أو جنسية. و لذا فهي هنا تختلف عن المهاجر الأخرى التي أصبحت وطناً لفئة من السودانيين حصلت على حق الإقامة و المواطنة في هذه البلدان و لذا فالعودة النهائية لم تعد تُشكّل لها هاجساً كبيراً مقارنة برصفائهم في دول الخليج، الذين عليهم عاجلاً أم آجلاً أن يفكروا في العودة و أن يعودوا، إلاّ أن يختاروا منافي أخرى، فعندها يكون الوضع قد اختلف.

المفارقة أن كل من تلتقيه من سودانيّ المهاجر يتحدث عن الوطن و تحسّ أنه مسكنون بهاجس الوطن و أخباره و مستقبله و تطورات أوضاعه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. لكن كل منهم يحلم بوطن ما غير الذي هو في الواقع، وطن عاشه في الغربة ، وطن خالٍ من البعوض و الملاريا و "الكتّاحة" و يتميز بعاصمة تسر الألباب و بها ناطحات سحاب، تستقبلهم مفتوحة الذارعين تهيئ لهم و لأسرهم أسباب الراحة و الطمأنينة، تحتفي بمقدمهم و تأخذهم في رحلة سياحية على النيل تباهي بهم سكانها و تبشّر سكانها بالقادمين الجدد الذين غابوا طويلاً و لكنهم ظلوا أوفياء للوطن، كلما ناداهم استجابوا، ضرائب و تحويل إلزامي و خدمات و مساهمات في مشاريع خدمية و رسوم مغادرة و رسوم بالعملة الصعبة لتعليم أبنائهم داخل وطنهم و إسكانهم في داخليات ربما أسهموا هم في بنائها و تأثيثها بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

كثير من القادمين من إجازاتهم ضجرون من الوطن، يحكون قصصاً عن المعاناة التي مرّوا بها. معاناة وصعوبات في التعامل مع الآخرين و في التعامل مع الجهات الرسمية و معاناة في التكيف مع واقع انقطعوا عنه أعواماً كثيرة تغيرت فيه الكثير من الأمور حتى القيم و العلاقات الاجتماعية. تساءل أحدهم ساخراً: "و هل يظن هؤلاء أن ما تركوه قبل أكثر من عشرين عاماً سينتظرهم دون تغيير؟"

الغريب أن بعضهم يشكو من الصيف و لهيبه و "كتّاحته" و سمومه قبل أن يشكو من غلاء الأسعار و ضيق صدور موظفي و موظفات جهاز العاملين بالخارج. و هناك فئة – ليست قليلة- تحلم بأن يتغيّر الحال في السودان للوضع الذي يريدونه قبل أن يتخذوا قرار العودة. تجدهم يقولون: بعد أن "يتصلّح" البلد!!

لكن التوجس و الخوف لم ينحصر فقط في الأوضاع السياسية و الاقتصادية، بل امتد حتى ليشمل التوجس من الناس و المجتمع و التأقلم مع هذا الكيان "الغريب" و معاودة الاندماج فيه. فالبعض يرى أنه ما عاد بوسعه العيش هناك. يقول لك: "يا أخي الدنيا تغيّرت.. الناس تغيّرت.. انفض سامر الأصدقاء و الزملاء.. أصبحتُ غريباً في بلدي.. لا علاقة لي مع أحد.. لم أعد أستطيع قضاء حوائجي الخاصة. لا أدري ما أفعل."

هذا واقع مرير مثير للفزع.. أن تجد نفسك لا تقوى على العيش في وطنك. المصيبة الكبرى أن هذه المشكلة، و التي أراها جوهر مشكلات العاملين بالخارج، لا تجد حظّها من النقاش و البحث و الدراسة. تسير الأمور و الكل ينتظر أن ينزل عليه حل من السماء و ما علموا أن السماء لا تمطر ذهباً و لا فضة. مشكلة العاملين بالخارج أنهم أفراد لا يجمعهم كيان يعمل لحل مشاكلهم.. الكل يجد نفسه وجهاً لوجه أمام مشكلته و عليه أن يجد لها الحل السحري. و حتى الكيانات المهنية التي تكونت في بلاد الاغتراب انحصر دورها في إقامة الاحتفالات و توزيع الأراضي، و الأخيرة أصبحت من الانجازات التي تحسب ضمن انجازات هذه الجمعية أو تلك... فتأمّل!!

لا جدال أن الوطن وطننا و أنه لا مهرب منه إلا إليه، لكن من يجد نفسه بعد سنوات غربة طويلة لا مأوى له و لا وظيفة و لا جهة تقف له داعمة، بل تحيطه نظرات الريبة و يداهمه إحساس الفقد و توضع أمامه كافة الصعاب.، لا شك سيسأل نفسه: هل هو مواطن أم لا؟ هل له حق الانتخاب؟ هل يجد أبناؤه فرص القبول بمؤسسات التعليم العالي دون رسوم باهظة و نظرات استهجان من الوسط الذي يتعلمون فيه؟ هل يحصل على قطعة أرض له و لأسرته لأنه مواطن و لا يُطالب بأن يدفع قيمتها مضاعفة؟ و لماذا يستجدي أبسط حقوقه على أبواب الإدارات الحكومية؟

هذا كله لا شك نتيجته توجس و خوف و فزع من هذا المجهول. لكن السؤال هو: على من تقع مسئولية ذلك كله؟ دعونا من إلقاء المسئولية على هذا أو ذاك، ما هو الحل يا ترى؟

منقول..


الساعة الآن 01:56 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009