منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa

منتديات الحصاحيصا نت alhasahisa (http://www.alhasahisa.net/vb/index.php)
-   «۩۞۩-منتدى الادب والثقافة-۩۞۩» (http://www.alhasahisa.net/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   اخبار عبد الملك بن مروان (http://www.alhasahisa.net/vb/showthread.php?t=28092)

ايوب 05-05-2016 02:23 PM

اخبار عبد الملك بن مروان
 
جامع الجواهر
اخبار عبد الملك بن مروان
والشيء يذكر بالشيء، أي بما قاربه. كان عبد الملك بن مروان محباً لعاتكة بنت يزيد بن معاوية؛ فغاضبته يوماً، وسدت الباب الذي بينها وبينه؛ فساءه ذلك وتعاضله، وشكا إلى من يأنس به من خاصته، فقال له عمر بن بلال الأسدي: إن أنا أرضيتها لك حتى ترى فما الثواب؟ قال: حكمك. فأتى إلى بابها، وقد مزق ثوبه وسوده؛ فاستأذن عليها وقال: أعلموها أن الأمر الذي جئت فيه عظيم. فأذنت له؛ فلما دخل رمى بنفسه وبكى. فقالت: ما لك يا عم ؟ قال: لي ولدان هما من الإحسان إلي في الغاية، وقد عدا أحدهما على أخيه فقتله، وفجعني به؛ فاحتسبته وقلت: يبقى لي ولد أتسلى به؛ فأخذه أمير المؤمنين وقال: لا بد من القود، وإلا فالناس يجترئون على القتل، وهو قاتله إلا أن يغيثني الله بك ! ففتحت الباب ودخلت على عبد الملك وأكبت على البساط تقبله وتقول: يا أمير المؤمنين؛ قد تعلم فضل عمر بن بلال، وقد عزمت على قتل ابنه؛ فشفعني فيه ؟ فقال عبد الملك: ما كنت بالذي أفعل؛ فأخذت في التضرع والخضوع حتى وعدها العفو عنه وصلح ما بينهما؛ فوفى لعمر بما وعده به.
إفهام من الفتى وفهم من المنصور
وعلى ذكر عاتكة بنت يزيد، قال المدائني: لما حج أبو جعفر المنصور قال للربيع: ابغني فتى من أهل المدينة أديباً ظريفاً عالماً بقديم ديارها، ورسوم آثارها فقد بعد عهدي بديار قومي، وأريد الوقوف عليها؛ فالتمس له الربيع فتىً من أعلم الناس بالمدينة، وأعرفهم بظريف الأخبار، وشريف الأشعار؛ فعجب المنصور منه؛ وكان يسايره أحسن مسايرة، ويحاضره أزين محاضرة، ولا يبتدئه بخطاب إلا على وجه الجواب؛ فإذا سأله أتى بأوضح دلالة، وأفصح مقالة؛ فأعجب به المنصور غاية الإعجاب، وقال للربيع: ادفع إليه عشرة آلاف درهم؛ وكان الفتى مملقاً مضطراً؛ فتشاغل الربيع عنه واضطرته الحاجة إلى الاقتضاء، فاجتاز مع المنصور بدار عاتكة؛ فقال: يا أمير المؤمنين؛ هذا بيت عاتكة بنت يزيد بن معاوية الذي يقول فيه الأحوص بن محمد:
يا بيت عاتكة الذي أتعزّل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكّل
فقال المنصور: ما هاج منه ما ليس هو طبعه: من أن يخبر بما لم يستخبر عنه، ويجيب بما لم يسأل عنه ؟ ثم أقبل يردد أبيات القصيدة في نفسه إلى أن بلغ إلى آخرها وهو:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم ... مذق اللسان يقول ما لا يفعل
فدعا بالربيع وقال له: هل دفعت للمدني ما أمرنا له به ؟ فقال: أخرته علة كذا يا أمير المؤمنين، قال: أضعفها له وعجلها.
وهذا أحسن إفهام من الفتى، وأدق فهم من المنصور، ولم أسمع في التعريض بألطف منه.
ولقول الأحوص هذا سبب ذكره عبد الله بن عبيدة بن عمار بن ياسر. قال: خرجت أنا والأحوص بن محمد مع عبد الله بن الحسن إلى الحج، فلما كنا بقديد قلنا لعبد الله بن الحسن: لو أرسلت إلى سليمان بن أبي دباكل الخزاعي، فأنشدنا من رقيق شعره ؟ فأرسل إليه، فأنشدنا قصيدةً له يقول فيها:
يا بيت خنساء الذي أتجنّب ... ذهب الزمان وحبّها لا يذهب
أصبحت أمنحت الصدود وإنما ... قسماً إليك مع الصدود لأجنب
ما لي أحنّ إذا جمالك قرّبت ... وأصدّ عنك وأنت مني أقرب
للّه درّك هل إليك معوّل ... لمتيّم أم هل لودّك مطلب ؟
فلقد رأيتك قبل ذاك وإنني ... لموكّل بهواك لو يتجنّب
إذ نحن في الزمن الرجيّ وأنتم ... متجاورون، كلاكما لا يرقب
تبكي الحمامة شجوها فتهيجني ... ويروح عازب همّي وتخصب
وأرى السميّة باسمكم فيزيدني ... شوقاً إليك سميّك المتقرب
وأرى العدو يودّكم فأودّه ... إن كان ينبىء عنك أو يتنسّب
وأحالف الواشين فيك تجمّلاً ... وهم عليّ ذوو ضغائن دوّب
ثم اتخذتهم عليّ وليجةً ... حتى غضبت ومثل ذلك يغضب
فلما كان من قابل حج أبو بكر بن عبد العزيز، فلما مر بالمدينة دخل عليه الأحوص بن محمد فاستصحبه ففعل. فلما خرج الأحوص قال له بعض من عنده: ما تريد بنفسك ؟ تقدم الشام بالأحوص وفيها من تبعك من بني أبيك وهو من السفه على ما علمت ! فلما رجع أبو بكر من الحج دخل عليه الأحوص منتجزاً ما وعده من الصحابة، فدعا له بمائة دينار وأثواب وقال: يا خال؛ إني نظرت فيما ضمنت لك من الصحابة، فكرهت أن أهجم بك على أمير المؤمنين. فقال الأحوص: لا حاجة لي بعطيتك، ولكني سعيت عندك، ثم خرج، فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى الأحوص وهو أمير المدينة فلما دخل عليه أعطاه مائة دينار وكساه ثياباً، ثم قال له: يا خال؛ هب لي عرض أخي، قال: هو لك، ثم خرج الأحوص وهو يقول في عروض قصيدة سليمان بن أبي دباكل يمدح عمر:
يا بيت عاتكة الذي أتعزّل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكّل
هل عيشنا بك في زمانك راجعٌ ... فلقد تفاحش بعدك المتعلّل
أصبحت أمنحك الصدود وإنني ... قسماً إليك مع الصدود لأميل
فصددت عنك وما صددت لبغضة ... أخشى مقالة كاشحٍ لا يغفل
وتجنّبي بيت الحبيب أزوره ... أرضي البغيض به حديثٌ معضل
إنّ الزمان وعيشنا ذاك الذي ... كنّا بلذّته نسرّ ونجذل
ذهبت بشاشته وأصبح ذكره ... أسفاً يعلّ به الفؤاد وينهل
حتى انتهى إلى قوله:
فسموت عن أخلاقهم وتركتهم ... لنداك، إنّ الحازم المتوكّل
ووعدتني في حاجتي فصدقتني ... ووفيت إذ كذبوا الحديث وبدّلوا
ولقد بدأت أريد ودّ معاشرٍ ... وعدوا مواعد أُخلفت إذ حصّلوا
حتى إذا رجع اليقين مطامعي ... يأساً وأخلفني الذين أؤمّل
زايلت ما صنعوا إليك برحلة ... عجلى وعندك عنهم المتحوّل
وأراك تفعل ما تقول، وبعضهم ... مذق الحديث يقول ما لا يفعل
فقال عمر بن عبد العزيز: ما أراك أعفيتني مما استعفيك.
والأحوص وإن كان ممن أغار على قصيدة سليمان، فقد أربى عليه في الإحسان، وكان كما قال ابن المرزبان؛ وقد أنشد لابن المعتز قصيدته في مناقضة ابن طباطبا العلوي التي أولها:
دعوا الأُسد تكنس في غابها ... ولا تدخلوا بين أنيابها
قال: قد أخذه من قول بعض العباسيين:
دعوا الأسد تسكن أغيالها ... ولا تقربوها وأشبالها
أخذ ساجاً ورده عاجاً، وغل قطيفة، ورد ديباجاً.


الساعة الآن 06:04 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009